الرباط-سناء الجدني
شهدت العاصمة المغربية الرباط، صباح اليوم الأحد، 22 يونيو الجاري، مسيرة شعبية حاشدة دعا إليها نشطاء ومكونات سياسية ومدنية، احتجاجا على ما وصفوه بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة والهجوم العسكري على إيران، وسط مطالبات بوقف الحرب وإسقاط كل أشكال التطبيع مع إسرائيل.
وانطلقت المسيرة من ساحة باب الأحد باتجاه مبنى البرلمان، بدعوة من مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، تزامنا مع الذكرى الـ58 لهدم “حارة المغاربة” في القدس المحتلة، في حدث أرادت من خلاله القوى المشاركة تأكيد وحدة الموقف الشعبي المغربي في مناصرة القضية الفلسطينية والتصدي للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
المشاركون في المسيرة، التي رفرفت فيها الأعلام الفلسطينية وارتفعت خلالها الكوفيات رمزا للمقاومة، رددوا شعارات قوية من قبيل: “يكفينا من الحروب، أمريكا عدوة الشعوب”، و”الشعب يريد إسقاط التطبيع”، في تعبير واضح عن الغضب الشعبي من السياسات الإسرائيلية المدعومة أمريكيا، وما يرونه تواطؤا عربيا ودوليا.
وشهدت التظاهرة حضوراً لافتاً لقيادات سياسية وحقوقية من تيارات متعددة، من بينها حزب العدالة والتنمية، وحزب التقدم والاشتراكية، وحركة التوحيد والإصلاح، والمبادرة المغربية للدعم والنصرة كما شاركت فيها نقابات وهيئات طلابية ومهنية، بينها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والنقابة الوطنية للتعليم العالي، ومنظمة التجديد الطلابي، والمبادرة الطلابية لنصرة قضايا الوطن والأمة.
وفي تصريح خاص خلال التظاهرة، قال عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، إن هذه المسيرة تأتي تفاعلا مع المسيرة العالمية التي انطلقت قبل نحو ثلاثة أسابيع باتجاه معبر رفح، في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة وأضاف: “ما يجري في غزة هو حرب إبادة مركبة، تنفذ بتواطؤ دولي وبتخاذل رسمي عربي، والمستشفيات مهددة بالتوقف، والآلاف من الجرحى محرومون من الرعاية بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود”.
وتابع قائلاً: “الشهداء الذين يسقطون يوميا هم في الغالب من طالبي المساعدة، وهناك مذابح تُرتكب ضد المدنيين تحت غطاء إنساني مزيف تقوده شركات أمريكية عسكرية، بينما يلتزم النظام العربي الرسمي صمتا مخجلا”. ولم يفوت هناوي الفرصة دون توجيه انتقاد شديد لما أسماه “قمع المتضامنين الدوليين” و”اعتقال النشطاء” على يد سلطات مصر وليبيا خلال مشاركتهم في المسيرة العالمية نحو غزة، معتبرا أن هذا جزء من “منظومة القمع الممنهجة لتكميم أصوات التضامن”.
أما فيما يخص التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، فرأى المتحدث أنها “جزء من مشروع استعماري أوسع تقوده قوى إمبريالية” تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة عبر إشعال الحروب الطائفية وإخضاع الشعوب
ويضيف هناوي قائلا : إن “العدوان على إيران ليس سوى امتداد لسياسات السيطرة والابتزاز، بينما تقف عواصم عربية في موقع المتفرج أو المطبع، دون دعم حقيقي للمقاومة أو للمحاصرين في غزة”.
من جانبه، قال جمال بنشقرون، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن الأوضاع في الشرق الأوسط تنذر بخطر دائم يهدد استقرار العالم بأسره. وأوضح: “العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة هو حرب ظالمة وغير متكافئة، تمارس فيها الغطرسة الصهيونية تحت غطاء الحماية الإمبريالية”.
وأشار إلى أن الواجب الأخلاقي والوطني يحتم على المغاربة الاصطفاف إلى جانب الشعب الفلسطيني، مشددا على ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن في محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب.
وأضاف بنشقرون أن التغيرات في المزاج الدولي بدأت تظهر، قائلا: “شعوب وبرلمانات في دول غربية كانت حتى وقت قريب داعمة لإسرائيل بدأت اليوم تدين بشدة ما يحدث من تجويع وقصف ممنهج بحق الفلسطينيين”. كفى من الحروب، آن الأوان للجلوس إلى طاولة الحوار والبحث عن حلول سلمية تنهي دوامة الموت”.
أما عبد الحفيظ السريتي، منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، فاعتبر أن هذه التظاهرة تجدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية لدى وجدان الشعب المغربي، قائلا: “بالنسبة للمغاربة، فلسطين قضية وطنية لا تقل أهمية عن قضية الصحراء، ولن نتراجع عن دعمها مهما كان الثمن”.
وأوضح السريتي أن المسيرة تحمل ثلاث رسائل أساسية: أولها إلى المجتمع الدولي الذي دعاه إلى التحرك العاجل لوقف الإبادة الجماعية في غزة، معتبرا أن “صمت العالم عار”، وثانيها إلى الدول العربية والإسلامية، مطالبا بقطع كل أشكال العلاقة مع إسرائيل ووقف التطبيع، أما الرسالة الثالثة، فكانت موجهة إلى شعوب العالم التي تواصلت مسيراتها الداعمة لفلسطين برا وبحرا وجوا، قائلا: “هؤلاء يؤمنون بعدالة دولية يجب أن تنتصر مهما كانت معوقات القوى الداعمة للإجرام”.
وفي سياق متصل، علق السريتي على التصعيد بين إيران وإسرائيل، مشيرا إلى أن خسائر الاحتلال الإسرائيلي بعد ضربات المقاومة في غزة كشفت هشاشته، مضيفاً “ما وقع في غزة قد يتكرر، والمشروع الصهيوني يواجه اليوم مأزقًا وجوديا أمام صمود الشعوب ووعيها”.