24 ساعة-متابعة
أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، اليوم الأربعاء بالرباط، أن التاريخ يعد علما شرعيا أساسيا لفهم الدين والهوية، وعنصرا محوريا في إدراك الذات والانتماء الحضاري.
جاء ذلك خلال افتتاح يوم دراسي نظمته مؤسسة دار الحديث الحسنية تحت عنوان “الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى: السياق التاريخي والخصائص والامتدادات”، حيث شدد الوزير على ضرورة تجاوز السرديات السطحية نحو قراءة معمقة لمسارات التاريخ وتحولاته، واستيعاب أثره في مقاربة مختلف مراحله.
وفي هذا الإطار، أبرز التوفيق أهمية إطلاع طلبة العلوم الشرعية على التاريخ لفهم الإسلام في سياقه المحلي، معتبرا أن المعرفة بتاريخ المغرب ما قبل الإسلام لا تزال محدودة، الأمر الذي يستوجب التمحيص في السياقات المصاحبة لدخول الإسلام إلى المغرب الأقصى.
وفي معرض حديثه عن موضوع اللقاء، أشار الوزير إلى فرضية تاريخية تؤكد، بناء على شهادات وأبحاث، أن دخول الإسلام إلى المغرب الأقصى تم في جو من السلم والانفتاح والتلاقي بين الأمازيغ والدعاة الأوائل، مما أضفى على الإسلام طابعا محليا متجذرا ومتفاعلا مع الخصوصيات المغربية.
وتوقف التوفيق عند علاقة المغرب بالدولة الأموية بعد دخول الإسلام، مبرزا أن المغاربة اضطروا إلى القطيعة مع هذه الدولة سعيا لنموذج أكثر عدلا واستقلالا، وهو ما أسس لخصوصية الإسلام في المغرب.
من جهته، اعتبر رئيس جامعة القرويين، أمال جلال، أن موضوع الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى يحمل أهمية كبيرة لفهم التحولات التي طرأت على الغرب الإسلامي، مبرزا أن دخول الإسلام شكل لحظة فارقة أضفت بعدا جديدا على الهوية المغربية.
وأشار إلى أن هذا اليوم الدراسي يندرج ضمن الأنشطة العلمية والثقافية للموسم الجامعي 2024-2025، ويأتي في سياق مشروع بحث علمي تشرف عليه دار الحديث الحسنية.
بدوره، أكد مدير المؤسسة، عبد الحميد عشاق، أن المغرب بعد دخول الإسلام رسخ نمطا حضاريا خاصا وبلور هوية متميزة، مشيرا إلى أن هذه المرحلة تظل ذات أهمية في دراسة التاريخ الديني والاجتماعي والثقافي، رغم ما يحيط بها من إشكالات علمية ناتجة عن قلة الوثائق المتوفرة.
وأوضح أن اليوم الدراسي يهدف إلى تعزيز فهم التحولات التي رافقت دخول الإسلام إلى المغرب، والوقوف على خصوصية النموذج المغربي، إضافة إلى كونه محطة علمية تسعى إلى استيعاب مرحلة محورية من تاريخ البلاد.
ومن جانبه، أوضح الأستاذ الباحث أحمد الخاطب، منسق اللقاء، أن هذا اليوم الدراسي يدخل ضمن مشروع أكاديمي يهدف إلى دعم البحث العلمي الجاد من خلال التكامل المعرفي بين العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية والاجتماعية واللغات الأجنبية، لتكوين باحثين ملمين بتاريخهم ومنفتحين على العالم.
وأشار إلى أن المشاركين سيناقشون الإسلام المبكر في المغرب من منظور علمي دقيق، مع تفسير وتحليل الاتجاهات والمذاهب التي ظهرت أو اندثرت، وما استمر منها إلى اليوم، وعلى رأسها المنظومة السنية المالكية، بما يسهم في بلورة رؤية تاريخية واضحة مدعومة بالشهادات وتحليل السياقات.
ويشار إلى أن هذا اللقاء العلمي يعرف مشاركة مجموعة من الباحثين والمختصين من مجالات مختلفة، ويناقش عدة محاور من أبرزها: “الفتح الإسلامي للمغرب الأقصى: السياق والمسار والخصائص”، و”المغرب الأقصى في ظل الإسلام المبكر: المجال والمجتمع والتأريخ”، و”اتجاهات الإسلام المبكر بالمغرب الأقصى بين الانحسار والامتداد”.