كوثر منار – سكينة قيش
ما هو التوجه الإيديولوجي الذي يؤسس عليه التيار الموري مرجعيته؟
التيار المغربي الموري، هو مبادرة حرة تلقائية حديثة الولادة تُعنى بتعزيز الثقافة والتاريخ والهوية المغربية في نفوس الشباب المغربي، فالمغرب أمة ذات حضارة متفردة ذات تميز واضح في ألسنتها وتاريخها ومنتوجاتها الثقافية. وهذا التيار الثقافي يهم جميع المغاربة داخل التراب الوطني ومغاربة العالم. وقد تأسس بعد مخاض كبير طيلة ثلاث سنوات انبرى خلالها مجموعة من الشباب القومي المثقف للإنخراط في سلسلة البحث والتنقيب عن تاريخ وهوية البلاد وتعريفها للمغاربة وبقية العالم، في شكل صفحة فايسبوكية رائدة تأسست عام 2018 إسمها :
Moorish History – التاريخ المغربي الموري.
وللدفع بهذه الصحوة بشكل كبير وإيجابي في التنقيب عن تاريخ المغرب وفي التعريف به وحمايته من التحريفات، ومن أجل النهوض بالمكتسبات التاريخية للأمة المغربية ورد الاعتبار لها، جاءت لحظة الإعلان عن بيان تأسيسي للتيار المغربي الموري في ال 10 من شهر فبراير من عام 2020م، البيان الذي صدر باللغتين العربية والأمازيغية، كان محل مناقشة وتوافق المئات من النشطاء بهدف توحيد الصوت والصف ولإزالة الغموض ولفتح آفاق الحوار مع المتابعين ومختلف المتدخلين ولرسم خريطة طريق تدفع إلى المزيد من المكتسبات الثقافية لبلادنا، ومن أهم ما جاء فيه بالتعريف:
“التيار المغربي الموري هو اتجاه ثقافي مهتم بتعزيز البعد الحضاري للمغرب، هو توجه متماسك من فئة من الشباب المغربي، يطمح عبر الآليات الإبداعية، الفنية، الثقافية، والتحسيسية، إلى إعادة الاعتبار إلى الهوية المغربية على أسسها الأمازيغية المحلية الصلبة، بكونها أصيلة البناء والتشكل، مند آلاف السنين إلى الحاضر، والتعريف بنبوغها الراقي علما وأدبا وعِمارة وفنا وصناعة، واعتبار كل مساهمات الحضارات المغربية المورية في التاريخ مصدرا لإغناء هويتنا الأمازيغية المحلية وتعزيزها”.
هل التيار لديه إيديولوجيا أو معالم فكرية مرجعية؟، إذا كانت موجودة، ما هي أهم عناصرها؟
التيار المغربي الموري هو تيار ثقافي حر، وليست له أي انتماءات حزبية أو خلفية سياسية أو دينية، اذ يعتبر أن وظيفته تقتصر على ضخ الوعي الجمعي المغربي بمجموعة من الأفكار الإيجابية التي قد تساهم في بناء الشخصية الوطنية لما فيه كل المصلحة لبلادنا ولمستقبلها، الأفكار التي من شأنها أن تكون ضمن المتدخلين فكريا، بالقرارات السياسية مستقبلا وفي أي اصلاح مؤسساتي. هو منفتح على كل الرؤى الإيجابية، وبما أنه تيار تصحيحي فهو يدرك تماما أن التصحيح الذاتي شرط الإستمرار، كما أن خلفه رواد يعتقدون بالحكمة والرزانة في بناء أي صرح فكري والذي يواكب الحكمة الرشيدة التي تقود البلاد في اتجاه التقدم والازدهار بعيدا عن التجاذبات الإديولوجية، ويمكن أن نلخص الأسس التي يعتمد عليها في التعامل مع المادة التاريخية كمرجع معرفي يقوم على نقل المعرفة بشكل موضوعي ونزيه بالإضافة إلى الإستفادة من الدراسات العلمية وتوظيفها بحذر في كل ما يعيد الإعتبار للهوية المحلية للمغرب و لغته؛ بل والانطلاق من مرجعية قومية خالصة تقوم على الانتصار للقومية المغربية واستثمارها اذ يجد نفسه معنيا وبقوة بالدفاع عن بالهوية المغربية والإنسان المغربي ومنتوجاته الثقافية ومكتسباته الحضارية ووحدته الترابية.
︎هل يتوفر التيار على هيكلة تنظيمية؟
لا، لكنه يطمح إلى ذلك في صورة جمعية ثقافية مغربية سترى النور قريبا، كإيمان من رواد التيار في جدوى الإصلاح المؤسساتي، خاصة وأن بلادنا تعطي دفعة إيجابية وقوية للشباب المغربي وللطاقات الواعدة الغير عدمية، التي تريد حقا أن تبادر وتشتغل، فالمملكة المغربية قد تغيرت كثيرا، ويمكن تحقيق الكثير من الأشياء الإيجابية من خلال جمعية ثقافية والكثير من الأمثلة موجودة، ومؤخرا أطلق رواد التيار رفقة أزيد من 40 صفحة بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي شعار “إنهضوا يا مغاربة Rise up Moroccans”، كشعار المرحلة بكل ما يحمل من قوة تاريخية وحمولة ثقافية غزيرة. إنه شعار نهضوي Renaissance. وهو دعوة لكل المغاربة لإعادة الاعتبار للشخصية الوطنية المغربية على أسسها المحلية الصلبة، وللتلاحم حول هذا المبدأ والروح التي تطبع المرحلة.
وحسب نشطاء التيار فهو شعار تثمين مكتسبات التيار المغربي الموري بالمشهد الفكري خلال السنوات الأخيرة، وشعار رفع التحدي عبر تسطير أهداف طموحة تنتصر أولا وأخيرا لبلادنا وتاريخها وتراثها وثقافتها الحضارية المحلية في جو تسود فيه الروح الجماعية، ولدعم التصالح مع هويتنا المحلية بمختلف تمثلاتها الغنية.
كيف تحاول هذه الصفحة استعراض التاريخ المغربي ومن أية زاوية ؟
يمكن أن نلخص الجواب بالقول بصريح العبارة “المغرب أولا”، وهي تسير في إتجاه تقليد قيمة الأصالة والتميز الحضاري لبلادنا مكانتها في التعليم والإعلام والنشر الثقافي والفني، وأن يعي المغاربة أن المغرب هو حضارة غنية وقوية في التاريخ السحيق بكل التعبيرات الراقية في الفن والفكر والعمارة وأنه من الإجحاف اختصار تاريخ المغرب في 12 قرنا فقط، اذ أن هذا التصور يفوت على المغاربة الاطلاع على فترات جد هامة من تاريخهم العريق والذي يساهم في تفسير الكثير من الظواهر الحضارية اليوم.
كما يُذكّر، بأن الشخصية الوطنية المغربية لا يمكن بنائها على أسسها الصلبة، من دون خطوات تسامح كبيرة مع هويتها المحلية، ولغة الأرض، الغير مستوردتين، وأن المغرب ليس بلد التعدد الثقافي، بل هو بلد الغنى الثقافي، والفرق بين العبارتين فرق قاتل، وذلك إنطلاقا من فلسفة تفكير مفادها أن تعزيز الروابط بين الانسان المغربي، وبين بيئته وثقافته المحلية من شأنها خلق المواطن الوطني والفاعل والمساهم بإيجابية كبيرة في المسلسل الاصلاحي والورشات الكبرى التي تقودها البلاد.
ما هي علاقة التيار بالحركة الأمازيغية و بالدولة المغربية؟
علاقة التيار المغربي الموري بالحركة الأمازيغية هي علاقة التواصل البنّاء الايجابي، وعلاقة تسخير مكتسباتها العلمية-الثقافية والانفتاح عليها، اذ لم يأتِ التيار كي ينافسها أو ليأخد مكانها بل لكي يصحح ما يمكن تصحيحه، ولكي يتعمق الحوار أكثر حول السرديات التاريخية التي تتناول تاريخ بلدنا بإجحاف، وبالرغم من الاختلافات المعدودة في وجهات النظر بين التيار المغربي الموري وبين الحركة الأمازيغية، الا أن ما يجمعها هو الاهتمام المشترك باللغة الأمازيغية والهوية المغربية المحلية…فضلا على أن الحركة الأمازيغية بخطابها تؤمن بنسبية الافكار، والخضوع الدائم للتغير المستمر وهذا بحد ذاته يعتبر تشجيعا نظريا على التفاعل الإيجابي ، دون أن نغفل أن عددا محترما من من مناضلي الحركة الامازيغية يشاركون نفس توجهات التيار الموري كما إلتحق أخرون من مشارب مختلفة لحد التضاد بالتيار.
أما في علاقة التيار المغربي الموري مع الدولة المغربية، فهي ليست علاقة تنافر أكيد، لأن رواد التيار ناضجون كفاية ليبتعدوا عن خطاب الأقليات المسحوقة والبكائيات، وخطاب المظلومية، وقد سجل التيار المغربي الموري دعمه الكامل والقوي، في كل قضايا دولتنا المغربية خاصة تلك التي تكون لها أبعاد دولية وخارجية، بل ونتمنى أن تزدهر دولتنا ويحصل لها النماء المرجو، فلا إصلاح الا بظل الاستقرار وهذا اعتقادنا الراسخ ومبدأه الثابت، ولهذه الأسباب يرغب التيار في الدخول إلى غمار جمعية ثقافية تمكنه من آفاق أكبر.
هل يمكن اعتبار أن منطلقات الصفحة متحيزة وظرفية؟
صفحة التاريخ المغربي الموري والتيار عموما، لا تدعي اي نوع من احتكار تعريف الهوية المغربية، إلا أنها تقدم وجهة نظر مبنية على مجموعة من الأسس وسط العديد من المتدخلين والدور هو توضيح هذه الأسس وتفسيرها بشكل علمي معرفي مع انفتاح تام على وجهات النظر الأخرى ما دامت تحترم شرط العلمية والموضوعية بعيدا عن الأدلجة، مع الحرص بأن لا مساومة في رموزنا الوطنية التي تستمد قوتها من قوة التاريخ، وأن تقاليدنا وقيمنا المغربية تكسبنا التميز المستحق، وأن من حق الاجيال القادمة التعرف على هذه القيم والخصوصية المغربية كي تمررها للأجيال التي بعدها.
ما هي الرسالة أو الهدف التي تعمل صفحة التاريخ المغربي الموري على تحقيقه؟
هو إعادة إنتاج للمفاهيم بشكل موضوعي علمي متسلح بالعقلانية بعيدا عن روح الاسطورة والخرافات، كل هذا لتفعيل تلك الثورة المعرفية التي يمكن أن تدفع إلى الأمام مسلسل التصالح مع الهوية الوطنية للبلاد، من خلال التغلب على تضارب الروايات والوصول لسرد موضوعي للتاريخ يتحقق حوله أجماع للأمة المغربية، فتوضع الروايات والمراجع، على محك اي فحص دقيق للمصادر، وفق نظام معرفي جديد يصحح النظام المعرفي القديم، والذي لا يخلو من الاتجاهات السياسية والايديولوجية سواء تصريحا او اضمارا، بالإقتصار على اخبار دون اخرى وعبر مصدر دون غيره ما شأنه ان يبعد عن الاعتدال والموضوعية المتوخاة.
وهنا يكمن دور التيار الحضاري والمعرفي في توجيه وتصحيح بعض المغالطات، كعنصر رئيسي وأساسي للتنوير مع امل أن تتلقف الدولة هذه الحركية النشيطة التي ظهرت بمواضيع التاريخ والهوية والثقافة والتراث لتجسيد تلك اللحمة القوية المنشودة.
وتتلخص رؤية هذا التيار الفتي في: الانطلاق من التاريخ المغربي الممتد من التاريخ الحضاري مند قيام مملكة موريطنيا إلى اليوم كخط زمني مستمر بكل حمولاته التي ساهمت في كل الحضارات المغربية المتعاقبة الى اليوم كمكسب قومي لكل المغاربة، والتعامل مع المادة التاريخية كمرجع معرفي يقوم على نقل المعرفة بشكل موضوعي ونزيه بالإضافة إلى الإستفادة من الدراسات العلمية وتوظيفها بحذر في كل ما يعيد الإعتبار للهوية المحلية للمغرب و لغته، بل والانطلاق من مرجعية قومية خالصة تقوم على الانتصار للقومية المغربية واستثمارها في التربية والإعلام ببلادنا.
كما يشدد التيار على إيلاء الاعتبار للغة الأمازيغية والدارجة المغربية بإعتبارهما اللغات الأم المركزية بالإضافة إلى تفرعاتها المتعددة والغنية دون أي إقصاء لأي منها، والدفاع عن الإنجازات الحضارية و المكتسبات الثقافية ضد أي جهة تحاول تبخيسها او السطو عليها، أو ادعاء إمتلاكها؛ كما يرفض التيار أي إستغلال للخطاب التراثي او الاعتماد على الروايات المنحولة بأي طرح تاريخي حضاري هوياتي اذا كان يتعارضان مع العلم، لأن الهدف هو توعية المغاربة من أضرار الإستيلاب الهوياتي ومخاطر الطمس التاريخي باعتماد منهجية علمية.. إيمانا بأن مفتاح عودة هيبة المغرب المستحقة وسط الشعوب والأمم، هو تاريخه العظيم، بهويته الغنية المحلية، كما يعتبر التيار بالموازاة أن التاريخ المحلي الاسلامي واليهودي والمسيحي، أجزاء لا تتجزأ من التاريخ المغربي. بوصفها امتدادات حضارية تحمل بصمات محلية خالصة خاصة.