منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن، تحولت التجربة المغربية في مجال التصدي للخطر الإرهابي إلى نموذج يحتذى به عبر العالم، تتقاطر عليه أقوى أجهزة الأمن عبر العالم لطلب خبرته وتعاونه.
استراتيجية المملكة في هذا المجال تقوم على محاور متعددة، على رأسها قوة أجهزته الاستخباراتية التي ساهمت في التصدي لعدد من المخططات ليس فقط داخل المملكة، بل على صعيد دول صديقة وشقيقة بفضل تعاون أمني منقطع النظير.
في هذه الحلقات، تسلط جريدة “24 ساعة” الضوء على أحداث وقضايا، استطاعت الأجهزة الأمنية المغربية أن تتصدى لها باحترافية كبيرة، وتثبت نجاعتها وفعاليتها كفاعل أساسي في حماية أمن وطمأنينة الوطن والمواطنين.
الحلقة السادسة:
وصف يوسف فكري بكونه أمير الدم. والسبب تنفيذه رفقة عدد من أفراد خليته جرائم قتل في حق عدد من الأبرياء ، من بينهم الموثق عبد العزيز أسدي بالدار البيضاء وضحايا آخرين في مدن آسفي واليوسفية والناظور الى جانب تنفيذهم عدد من اعتداءات السرقة والسطو باسم “الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الجرائم والتي استنفرت المصالح الامنية لأشهر.
وينسب الى يوسف فكري الذي يقضي عقوبة الاعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة ارتكابه تصفية قريب له يدعى عبد العزيز فكري (نجار) في 26 أكتوبر سنة 1998باليوسفية ، وعمر الفراك (مستخدم) في 4مارس 1999 بآسفي، ورقيب الشرطة سعيد روسين في 28 دجنبر 2000 بالدارالبيضاء، ومحمد (بدون معلومات أخرى) في ماي 1999 بالناظور والموثق عبد العزيز الأسدي الذي تم رمي جثته في بئر بضواحي الدارالبيضاء في 10 شتنبر 2001.
لم يكتف يوسف فكري بقتل بعض من ضحايا بل قام بالتنكيل بجثث بعضهم مثل ضحية الناظور . كما أن جريمته بالدار البيضاء ضد الموثق عبد العزيز أسدي ستظل شاهدا على بشاعة الجرائم التي ارتكبتها خليته الارهابية، فقد تم اختطافه بقلب العاصمة الاقتصادية مباشرة بعد مغادرته أحد المطاعم.
واقتيد رفقة فتيات كن برفقته الى مقربة من حي باشكو الصفيحي حينها قبل هدمه، وهناك اعتدوا على الفتيات بالضرب المبرح قبل التخلي عنها، فيما اقتيد الموثق الى منظقة خلاء بالهراويين اعتقادا منهم أنه “وكيل الملك” كما حاول توهيمهم لاطلاق سراحه أي أنه “عميل الدولة الطاغوتية” كما في اعتقادهم، وهناك أصر يوسف فكري أمير الخلية على تنفيذ جريمة القتل بنفسه، وقام بذبحه من الوريد الى الوريد قبل رمي جثته في بئر غارق، قبل أن يفر الى مدينة الناظور حيث واصل تنفيذ جرائمه والعودة من جديد الى الدار البيضاء لتنفيد جرائمه.
يوسف فكري الذي اعترف بجرائمه أمام المحكمة ببرودة دم, سار على نفس النهج الذي تبناه ميلودي زكريا في تنفيذ عمليات عنف، وشارك في حملات “النهي عن المنكر” التي تضمنت الاعتداء على الأشخاص بسبب المظهر أو العلاقات الجنسية.
ولم يتجاوز مستواه الدراسي الثالث من التعليم الاعدادي، بعد أن انخرط في خلية تكفيرية وبدا الإفتاء في الدين ،قبل أن يبدأ في ارتكاب جرائم في التسعينيات من القرن الماضي، دشنها بقتل “عمه” بتهمة الزنا ,استمر في إزهاق أرواح أبرياء تحت ذريعة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ومن ضحاياه موظف محكمة بالناظور اتهمه ب”الردة” وموثق وعون سلطة وغيرهم.
ألقت المصالح الامنية القبض على يوسف فكري بمدينة طنجة يذكر المقال أن الشرطة ألقت القبض على فكري في مدينة طنجة عام 2002، وحكم عليه بالإعدام بعد اعترافه بجرائمه أمام غرفة الجنايات بالدار البيضاء في المحاكمات الشهيرة بعد أحداث 16 ماي الارهابية.
كانت بداية أمير الدم بالالتحاق بجماعة الدعوة والتبليغ في مدينة اليوسفية عام 1994، وبقي فيها حتى عام 1997، قبل أن يغادرها بعد أن صار أكثر تطرفا واستقطابه من طرف تيار التكفير الذي بدأ ينتشر كالخلايا السرطانية في أوصال المجتمع المغربي.
فمع انتقاله إلى جماعة الهجرة والتكفير، تغيرت أفكاره وساءت علاقته بأسرته، وبدأت تظهر عليه سلوكيات مثل أداء صلاة عيد الفطر في الغابة قبل موعدها على غرار المنتمين للتيار السلفي الجهاي، كما تغيير مظهره الخارجي بإطلاق اللحية وارتداء اللباس الأفغاني.
بالموازاة مع ذلك شارك في حملات عنف مع مجموعة من أفراد خليته ومن بينهم محمد دمير الذي سيستفيد من برنامج المصالحة وبالتالي مغادرة أسوار السجن بعفو ملكي، واعتدوا على الأشخاص بسبب المظهر أو العلاقات الجنسية غير الشرعية. كما قاموا بالاستيلاء على سيارات الضحايا واستخدامها في تنقلاتهم لتنفيذ جرائم القتل والسلب والسرقة أو ما يسمونه “التعزير” و” الفيء”، حيث كانوا يستبيحون السطو والاستيلاء على أموال الأشخاص الذين يعتبرهم كفارا.
خلفت خلية يوسف فكري عددا من الضحايا، انضافت الى ضحايا بقية الخلايا التكفيرية التي ينبت فهما متطرفا للدين على غرار كل جماعات السلفية الجهادية التي تناسلت في هوامش المدن الكبرى وخاصة بأحياء الصفيح. كان ذلك مؤشرا مقلقا على أن هناك تخطيطا لهجمات أكثر دموية تعد لها خلايا أخرى وهو ما سيتجسد في الاعتداءات الارهابية بالدار البيضاء.