24 ساعة – عبد الرحيم زياد
أعلنت السلطات السورية، عن توقيف نشاط مكتب جبهة البوليساريو المتواجد بجادة رفيق التميمي بحي الصالحية بالعاصمة دمشق، كخطوة دبلوماسية تاريخية، تعكس تحولا كبيرا في السياسة السورية تجاه قضية الصحراء المغربية.
ويأتي هذا القرار في سياق التغييرات السياسية التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وصعود قيادة انتقالية جديدة تسعى لإعادة بناء العلاقات الإقليمية، لاسيما مع المغرب. ويمكن تناول هذا المعطى التاريخي الهام من عدة زوايا.

رغبة السلطات الجديدة في دمشق في تصحيح مسار العلاقات مع الرباط
يعكس إغلاق مقر البوليساريو رغبة الحكومة السورية الجديدة في تصحيح مسار العلاقات مع المغرب، التي شهدت توترا منذ عام 2012 بسبب دعم النظام السوري السابق لجبهة البوليساريو والاعتراف بالكيان الإنفصالي.
ويشير هذا القرار إلى تحول استراتيجي يهدف إلى تعزيز التعاون مع المغرب، خاصة في ظل إعلان الملك محمد السادس عن إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق، مما يفتح آفاقاً جديدة للعلاقات الثنائية.
دعم السيادة المغربية على الصحراء
يحمل إغلاق المقر، بحضور وفد مغربي، رسالة واضحة تُعزز السيادة المغربية على الصحراء، وتؤكد موقف سوريا الرافض لدعم الكيانات الانفصالية. وتُعدّ هذه الخطوة ضربة دبلوماسية قوية لجبهة البوليساريو وحلفائها، وعلى رأسهم الجزائر، التي ظلت تدعم الجبهة سياسيًا وعسكريًا.
كما يُعزّز هذا الموقف العلاقات المغربية السورية، ويقوي موقع المغرب إقليميًا ودوليًا في ملف الصحراء، خصوصًا في ظل تنامي الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، كحل جدي وواقعي للنزاع المفتعل.
الجزائر في موقف محرج
يضع هذا القرار الجزائر في موقف دبلوماسي صعب، بالنظر إلى أن جبهة البوليساريو تُعد أداة رئيسية في استراتيجيتها لمواجهة المغرب في قضية الصحراء المغربية. ويؤكد إغلاق المقر تراجع النفوذ الجزائري في سوريا، خاصة بعد التحولات السياسية التي شهدتها دمشق.
ويعمّق هذا التطور عزلة الجبهة على المستوى الدولي، في ظل تزايد التقارير التي تتحدث عن تورط عناصر من البوليساريو في أنشطة مسلحة إلى جانب النظام السوري السابق. وهي المعطيات التي تعزز الدعوات الأمريكية والأوروبية لتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية، في ضوء التهديدات الأمنية التي باتت ترتبط بها.

الأبعاد الأمنية للخطة السورية
كشفت تقارير إعلامية متعددة عن تورط مقاتلين من جبهة البوليساريو في القتال إلى جانب نظام الأسد، بدعم من إيران وحزب الله. ويُعد إغلاق المقر خطوة ضمن جهود السلطات السورية الجديدة لتفكيك الشبكات المرتبطة بإيران داخل البلاد، مما يزيد من الضغوط السياسية والدبلوماسية على الجبهة وحلفائها.
ويعكس هذا التطور تصاعد المخاوف الدولية من ارتباطات البوليساريو بجماعات مسلحة في مناطق النزاع، وهو ما قد يُفاقم عزلتها على الساحة الدولية، ويعزز المساعي الأمريكية والأوروبية الرامية إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية.

يمثل قرار إغلاق مقر جبهة البوليساريو في دمشق منعطفًا دبلوماسيًا مهمًا يعزز موقف المغرب في قضية الصحراء، ويعكس تحوّلًا واضحًا في السياسة السورية باتجاه دعم الوحدة الترابية للمملكة. ولا تقتصر هذه الخطوة على كونها انتصارًا دبلوماسيًا للمغرب، بل تشكل أيضًا ضغطًا متزايدًا على الجزائر والبوليساريو، في وقت يشهد فيه دعمهما الإقليمي والدولي تراجعًا ملحوظًا.