الدار البيضاء-أسماء خيندوف
سجلت إسبانيا ارتفاعًا ملحوظًا في منح جنسيتها للمغاربة خلال السنوات الأخيرة، حيث تجاوز عدد المستفيدين 237 ألف شخص منذ عام 2018، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية. وتعكس هذه الأرقام السياسة الجديدة التي تبنتها حكومة بيدرو سانشيز، والتي شهدت تسارعًا ملحوظًا مقارنة بفترة ماريانو راخوي، التي لم يتجاوز خلالها عدد المغاربة المجنسين 130 ألفًا خلال مدة مماثلة.
مغاربة إسبانيا.. ركيزة ديموغرافية
تشير البيانات الرسمية إلى أن المغاربة يمثلون واحدة من أكبر ثلاث جاليات مهاجرة تساهم في ارتفاع عدد سكان إسبانيا، الذي بلغ 49 مليونًا و77 ألفًا و984 نسمة في الأول من يناير 2025.
ووفقًا لموقع “أو كي دياريو” الإسباني، حصل 45 ألفًا و799 مغربيًا على الجنسية الإسبانية خلال عام 2023، بزيادة قدرها 5.4 في المئة مقارنة بالعام السابق. في المقابل، قدّر المعهد الوطني للإحصاء الإسباني عدد الحاصلين على الجنسية بـ 54 ألفًا و27 شخصًا.
ومن بين المجنسين، بلغت نسبة الذكور 53 في المئة، بمتوسط عمر يناهز 19 عامًا. وتشير التقارير إلى أن العديد منهم كانوا قاصرين غير مصحوبين بذويهم، وأصبحوا مؤهلين للحصول على الجنسية بعد بلوغهم سن الرشد.
الجالية المغربية.. حضور قوي وتأثير متزايد
تُعد الجالية المغربية إحدى أكبر الجاليات الأجنبية في إسبانيا، حيث يقدر عددها بحوالي 844 ألفًا و969 شخصًا وفقًا لوزارة الضمان الاجتماعي، بينما تشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء إلى أن العدد الفعلي يقترب من 1.1 مليون مغربي، وهو رقم يفوق سكان بعض المقاطعات الإسبانية مثل أستورياس، فيزكايا ولاكورونيا.
وخلال الربع الأخير من عام 2024، استقبلت إسبانيا 27 ألفًا و700 مهاجر مغربي جديد، بينما غادرها 12 ألفًا و300 مغربي خلال الفترة نفسها، وفقًا لوكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إيفي”.
وعلى الصعيد السياسي، لعبت الجالية المغربية دورًا مؤثرًا في الانتخابات الإسبانية لعام 2023، خصوصًا في كتالونيا، حيث يقدر عدد الناخبين المغاربة المجنسين بنحو 150 ألف شخص. وسجلت كتالونيا وحدها 16 ألفًا و172 حالة تجنيس لمغاربة في عام 2022، وهو ضعف العدد المسجل في منطقة الأندلس.
رقم قياسي في التجنيس عام 2023
أفادت بيانات المعهد الوطني للإحصاء بأن عام 2023 سجل رقمًا قياسيًا في منح الجنسية الإسبانية، حيث حصل 240 ألفًا و208 أجانب على الجنسية، بزيادة 32.3 في المئة مقارنة بالعام السابق. وتصدر المغاربة القائمة بنسبة 22.5 في المئة، يليهم الفنزويليون بنسبة 12.6 في المئة، ثم الكولومبيون بنسبة 7.8 في المئة.
ويتطلب الحصول على الجنسية الإسبانية استيفاء عدة شروط، أبرزها حسن السيرة والسلوك، وخلو السجل الجنائي، وإثبات الاندماج في المجتمع الإسباني، والنجاح في اختبارات معهد ثيربانتس. وعادةً ما تستغرق طلبات التجنيس نحو ثلاث سنوات للمعالجة، مع اختلاف متطلبات الإقامة وفقًا لجنسية المتقدم وظروفه.
في سياق متصل، تدرس الحكومة الائتلافية الحالية، بقيادة الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني وحزب سومار، خطة لتسوية أوضاع حوالي 700 ألف مهاجر غير نظامي دخلوا البلاد قبل نهاية عام 2023. وإذا تمت المصادقة عليها، ستكون هذه الخطة أكبر عملية تسوية للمهاجرين في تاريخ إسبانيا.
وفي إطار تكريم الأعمال البطولية، منحت الحكومة الإسبانية الجنسية لشابين مغربيين يبلغان 21 و23 عامًا، بعد أن أنقذا رجلًا مسنًا من الغرق في قناة سيروس بمدينة ليريدا عام 2023. وكانا من بين ثلاثة أشخاص فقط حصلوا على الجنسية الإسبانية تكريمًا لأعمال بطولية بين عامي 1993 و2024.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الجالية المغربية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي الإسباني، مع تزايد تأثيرها على المشهد السياسي والثقافي. وفي ظل السياسات الجديدة التي تتبناها الحكومة الإسبانية، يبدو أن هذا الاتجاه سيتواصل خلال السنوات المقبلة، مما يعكس عمق العلاقات بين البلدين على المستويين الإنساني والاجتماعي.