إعداد- زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة الرابعة عشر
من تابع إبداعاته، يجزم أنه لم ير لاعبا مثله، ومن عايش زمنه، يتباهى بأنه شهد عصر “العَشَرة السمراء”، ومن تلذذ بتمريراته الساحرة، يدرك أن الكرة المغربية لم تنجب بعده موهبة بنفس البريق، إنه محمد التيمومي، الاسم الذي ظل محفورا في ذاكرة الكرة المغربية بفضل لمساته الذهبية ورؤيته العبقرية داخل الملعب.
وُلد التيمومي عام 1960 في الرباط، حيث نشأ في حي تواركة، وهناك التقط حمى “المستديرة” منذ نعومة أظافره، موهبته اللافتة مكنته من دخول القصر الملكي وهو طفل، حيث كان يلعب الكرة مع الملك محمد السادس (ولي العهد آنذاك) وأبناء الحي كل عشية يوم جمعة، لكن الجميع كان يدرك أن هذه الموهبة الفذة لا يجب أن تبقى حبيسة الأزقة، فتم ضمه إلى اتحاد تواركة، حيث أظهر إمكانيات هائلة جعلت الجمهور يطالب بضمه إلى الفريق الأول وهو لم يتجاوز 17 عاما.
سرعان ما لفت التيمومي أنظار المدرب غاي كليزو، الذي كان يشرف على المنتخب المغربي والجيش الملكي، فقرر جلبه إلى الفريق العسكري عام 1979، حيث وجد نفسه في كتيبة من النجوم، مثل خليفة، واديش، مولاي الطاهر، ودحان، ورغم المنافسة، فرض اسمه بقوة وأصبح أحد أعمدة الفريق، ليساهم في تتويجه بلقب دوري أبطال إفريقيا 1985، حيث سجل 4 أهداف في المسابقة.
أداؤه الخارق جعله أفضل لاعب في إفريقيا عام 1985، لكنه لم يكن مجرد نجم محلي، بل كان ركيزة أساسية في المنتخب المغربي، حيث خاض أول مباراة دولية ضد توغو عام 1979، ثم قاد “أسود الأطلس” إلى تحقيق إنجاز تاريخي في مونديال المكسيك 1986، حين أصبح المغرب أول منتخب عربي وإفريقي يتأهل لدور الـ16.
لكن لكل بطل حكاية حزينة، ففي أوج تألقه، تعرض التيمومي لكسر مزدوج في الكاحل بعد تدخل عنيف من المصري عبد الله جمال خلال نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا 1985 أمام الزمالك، شكّ الجميع في لحاقه بالمونديال، لكن الملك الحسن الثاني تدخل شخصيا ووجه بتخصيص عناية طبية خاصة له، ليعود إلى المونديال ويقدم اداء رائعا رغم عدم تعافيه الكامل.
بعد المونديال، فتح له الاحتراف أبوابه، لكنه لم يكن في مستوى التطلعات، حيث لعب موسما مع ريال مورسيا الإسباني، ثم انتقل إلى لوكرين البلجيكي لموسمين، قبل أن يمر بتجربة قصيرة مع السويق العماني، الإصابات لاحقته، فاضطر لإنهاء مشواره في المغرب مع الجيش الملكي والأولمبيك البيضاوي.
رغم اعتزاله، لا يزال محمد التيمومي حاضرا في ذاكرة المغاربة كنجم استثنائي، رسم بلمساته أجمل اللوحات الكروية، وكتب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة المغربية والإفريقية.