24 ساعة-عبد الرحيم زياد
في المشهد الجيوسياسي المعقد في شمال أفريقيا، تلعب الجزائر دوراً غامضاً يثير قلق الكثيرين. فبدلاً من أن تكون معقلاً في مكافحة الإرهاب، بحيث يبدو أن البلاد تبنت استراتيجية خطيرة: استخدام الجماعات المتطرفة والانفصالية كبيادق في لعبتها لإضعاف جيرانها وتعزيز نفوذها الإقليمي. وهذا الموقف لا يزعزع استقرار أفريقيا فحسب، بل ويهدد أيضاً أمن أوروبا، ويصبح مصدر قلق دولي متزايد. وفق ما أدته ورقة بحثية في الموضوع.
العلاقات السامة مع الجيران
ويرى مراقبون أن الجزائر، تحافظ على علاقات عدائية بشكل خاص مع جيرانها، وخاصة مالي وموريتانيا والمغرب. وفي حالة مالي، اتهمت وزارة الخارجية الجزائرية بشكل مباشر خلال جلسة في الأمم المتحدة بدعم الجماعات الإرهابية وتوفير ملاذ آمن لها داخل أراضيها. ويسلط هذا الاتهام، الذي تم توجيهه على الساحة الدولية، الضوء على دور الجزائر كطرف يعزز عدم الاستقرار الإقليمي بدلاً من المساهمة في مكافحة الإرهاب.
ووفق ذات المصدر، فإن الجماعات التي تدعمها الجزائر لا ترتكب أعمال عنف في مالي فحسب، بل إنها تجد أيضا مساحة في الأراضي الجزائرية لإعادة تنظيم صفوفها ومواصلة زعزعة استقرار المنطقة. ويبدو أن هذه الاستراتيجية مصممة لإبقاء مالي ضعيفة، وبالتالي تحت النفوذ الجزائري بشكل غير مباشر.
واسترست الورقة، أنه يلاحظ نمطاً مماثلاً في موريتانيا، حيث سمحت الجزائر لعناصر معادية بدخول أراضيها. وقد تم توثيق حوادث استخدمت فيها جماعات انفصالية وشبه عسكرية الجزائر كقاعدة عمليات لشن هجمات، بل وحتى باستخدام الصواريخ، ضد المغرب. ويبدو أن هذه الأفعال، بعيداً عن كونها أخطاء معزولة، تشكل جزءاً من استراتيجية متعمدة لإضعاف الجيران ووضع الجزائر كلاعب رئيسي في منطقتي المغرب والساحل.
حالة المغرب: العداء المستمر
ووفق الورقة ذاتها، فقد اتسمت العلاقة بين الجزائر والمغرب بالعداء المستمر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الجماعات الانفصالية التي تدعمها الجزائر. وهذه الحركات، وإن كانت تحمل أسماء مختلفة، تشترك في طبيعة مشتركة: النضالات الانفصالية المسلحة والأنشطة الإرهابية. ومن الأراضي الجزائرية، نفذت هذه الجماعات عمليات عسكرية وتخريبية ضد المغرب، مما أدى إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي.
وتشير المعلومات التي جمعتها المغرب إلى أن الجزائر حافظت على اتصالات مباشرة مع الجماعات الإرهابية. مما سهل عملياتها مقابل فوائد استراتيجية. وتتضمن هذه الاتهامات أدلة على التعاون السري بين الجيش الجزائري والجماعات المتطرفة. مما يعزز صورة الجزائر كدولة تستخدم الإرهاب كأداة لتعزيز أجندتها السياسية.
تهديد مباشر لأوروبا
وترى الورقة الى أن تصرفات الجزائر لا تقتصر على زعزعة الاستقرار في أفريقيا؛ بل إنها تحمل تداعيات مباشرة على أوروبا. ومن بين الجوانب الأكثر إثارة للقلق تدفق المهاجرين إلى القارة الأوروبية. والذي قد يشمل متسللين متطرفين جاهزين للتفعيل في أي وقت. وتشكل هذه الظاهرة تهديدا خطيرا لأمن أوروبا، التي تواجه بالفعل تحديات كبيرة فيما يتصل بالتطرف والإرهاب الداخلي.
فضلاً عن ذلك فإن اعتماد أوروبا على الجزائر في مجال الطاقة يضع الدول الأوروبية في موقف حساس. مما يجعل من الصعب عليها اتخاذ موقف حازم ضد السياسات الجزائرية. ولكن هذه العلاقة لا تبرر تجاهل التهديد الذي تشكله الجزائر. سواء بالنسبة لأفريقيا أو أوروبا.