24 ساعة ـ متابعة
أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مؤخرًا عن استيراد مليون رأس من الأغنام لتلبية الطلب بمناسبة عيد الأضحى. تصريح يثير، وراء تأثيره الإعلاني، العديد من التساؤلات حول جدواه اللوجستية. على بعد ثلاثة أشهر من العيد الديني، يبدو هذا الرقم مبالغًا فيه بشكل كبير، مما يكشف مرة أخرى عن سهولة رئيس الدولة الجزائرية في طرح أرقام غير واقعية.
استيراد مليون رأس من الأغنام في غضون ثلاثة أشهر يمثل تحديًا لوجستيًا غير مسبوق. لتحقيق هذا الإنجاز، لا يكفي مجرد تقديم طلبية: يجب توفير وسائل ضخمة، خاصة سفن متخصصة قادرة على نقل الماشية عبر مسافات طويلة.
تتطلب هذه العمليات فترات زمنية طويلة، سواء للنقل أو للامتثال للمعايير الصحية، وذلك بالطبع بعد تحديد موردين قادرين على توفير هذا العدد الهائل من الأغنام. هذا الإعلان، الذي يبدو عمليًا مستحيل التنفيذ، يذكر بتصريحات مبالغ فيها أخرى لعبد المجيد تبون، حيث غالبًا ما تتغلب المبالغة على الواقع.
تحدٍ لوجستي لا يمكن التغلب عليه
استيراد مليون رأس من الأغنام في غضون ثلاثة أشهر فقط هو إنجاز لوجستي يصعب تصوره. لا يمكن نقل الماشية الحية إلا عبر سفن مصممة خصيصًا، وهي “ناقلات الماشية”، التي تتراوح سعتها عادة بين 60,000 و75,000 رأس.
للوصول إلى الحجم الذي أعلن عنه تبون، سيكون من الضروري استئجار ما بين 13 و16 سفينة من هذا النوع. هذه السفن، التي نادرًا ما تكون متوفرة بهذا العدد الكبير، لا تقف في الموانئ بانتظار الطلبات. حجزها يتطلب شهورًا من التخطيط المسبق، كما أن مدة النقل تزيد من تعقيد العملية.
اعتمادًا على موانئ الانطلاق، قد تستغرق الرحلة ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع للوصول إلى الجزائر. بهذا الإيقاع، وحتى مع تدفق هائل من السفن، يبدو من غير الواقعي تحقيق هذا الإنجاز في ثلاثة أشهر فقط. علاوة على ذلك، تفرض اللوائح الدولية المتعلقة برفاهية الحيوانات شروطًا صارمة أثناء النقل، مما يزيد من تعقيد العملية.
من ناحية أخرى، لا تمتلك الدول المصدرة للماشية بالضرورة مخزونًا فوريًا بهذا الحجم. أستراليا، المورد الرئيسي للأغنام الحية على مستوى العالم، تفرض إجراءات صارمة للتصدير، وتواجه هي نفسها طلبًا دوليًا مرتفعًا مع اقتراب عيد الأضحى. حتى في حالة التوصل إلى اتفاق سريع، فإن القيود الصحية والبيطرية ستطيل فترة الاستيراد إلى ما هو أبعد من المدة المعلنة.
هوس بالأرقام الباهرة
هذا التصريح من عبد المجيد تبون ليس الأول الذي يثير الحيرة. يبدو أن الرئيس الجزائري يحتفظ بعلاقة خاصة مع الأرقام، مضاعفًا الإعلانات المفصولة عن الواقع.
في سبتمبر 2023، من منبر الأمم المتحدة، أكد أن الجزائر ستصل إلى قدرة إنتاج يومية تبلغ 1.4 مليار متر مكعب من المياه المحلاة. رقم غير واقعي ببساطة: للمقارنة، تنتج المملكة العربية السعودية، المنتج الأول عالميًا للمياه المحلاة، حوالي 9 ملايين متر مكعب يوميًا.
مبالغة أخرى لافتة: خلال عهده، شهد العدد الرسمي لـ”الشهداء” في حرب الاستقلال تضخمًا مذهلاً. بعد أن كان محددًا منذ زمن طويل بـ1.5 مليون (دون أساس واضح)، يتحدث تبون الآن عن حصيلة تصل إلى 5.6 مليون شهيد. مراجعة تتجاوز جميع التقديرات التاريخية، حتى الأكثر تشاؤمًا، وتبدو في المقام الأول تتلذذ بهذا الشعبوية الرخيصة التي يفضلها الرئيس الجزائري.