24 ساعة -متابعة
أثارت قضية تواجد منقبين موريتانيين في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية، نقاشا واسعا حول أبعادها القانونية والسياسية المعقدة لهذه الظاهرة، التي تتداخل فيها قضايا السيادة والأمن الحدودي.
في هذا السياق، أكد محمد الطيار، الخبير الاستراتيجي ورئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية، على أن المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية، ليست مساحة “منزوعة السيادة” كما يعتقد، بل هي جزء لا يتجزأ من السيادة المغربية.
وأوضح الطيار في تصريحه لـ “24 ساعة”، أن القيود المفروضة على التحركات العسكرية في هذه المنطقة هي قيود مؤقتة، جاءت في سياق اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأشار المتحدث، إلى أن مهمة بعثة “المينورسو” تقتصر على المراقبة التقنية، دون أن يكون لها أي دور في إدارة السيادة أو التراب، هذا يعني أن أي نشاط غير مرخص، سواء كان مدنيا أو عسكريا، يعتبر انتهاكا صريحا للسيادة المغربية.
التسلل المدني: انتهاك مزدوج
يرى الخبير الاستراتيجي ورئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية، أن تواجد المنقبين الموريتانيين في هذه المنطقة يمثل خطرا مزدوجا، حيث يعرض حياة هؤلاء الأفراد للخطر المباشر كونها منطقة عسكرية مغلقة، ومن جهة أخرى، يعد هذا التواجد، من منظور القانون الدولي، انتهاكا لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، ورغم أن هذا التسلل قد يبدو عفويا، إلا أنه قد يستغل لأغراض غير مشروعة، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.
كما يؤكد الطيار، أن هذا التسلل يفتقر لأي غطاء قانوني أو دبلوماسي، لا من الجانب المغربي ولا حتى من السلطات الموريتانية، ما يفقده أي شرعية محتملة.
الموقف الموريتاني: بين التصريح والإجراء
لفت الطيار الانتباه إلى الموقف الحازم للسلطات الموريتانية، التي حذرت مواطنيها من دخول المنطقة العازلة عبر مسؤولي ولاية “تيرس زمور”، مؤكدة على احترام السيادة المغربية وحرصها على سلامة المنقبين، كما دعت شركة “معادن موريتانيا” إلى حصر نشاط التنقيب داخل الحدود الوطنية.
وأورد قائلا: إن هذه التصريحات الإيجابية بحاجة إلى ترجمة على أرض الواقع من خلال إجراءات فعلية، واقترح عدة خطوات، منها: إصدار إعلان رسمي يؤكد التزام موريتانيا الكامل باحترام السيادة المغربية، والتنسيق الأمني والدبلوماسي المباشر مع المغرب، وتعزيز نقاط التفتيش الحدودية، وتجريم التسلل غير المرخص، وضبط نشاط الوسطاء، وتنظيم حملات توعية شاملة للمواطنين في المناطق الحدودية.
الشرعية القانونية للتحرك المغربي
شدد الطيار على أن التحركات المغربية داخل المنطقة العازلة، خاصة تلك التي تهدف إلى منع التسللات أو الرد عليها، تندرج ضمن القانون الدولي وتستند إلى أساس قانوني متين، فالمغرب، كدولة ذات سيادة، يحتفظ بحقه في الدفاع عن وحدته الترابية، وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما أن استخدام المغرب لطائرات بدون طيار أو أي وسائل تكنولوجية لمواجهة التسللات غير القانونية، يظل مشروعا في ظل التهديد الأمني، بشرط الالتزام بمبدأ التناسب واحترام المعايير الدولية.
وخلص الطيار، إلى أن تواجد المنقبين الموريتانيين شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية، يتعارض مع مقتضيات القانون الدولي والتفاهمات الثنائية بين الرباط ونواكشوط، مما يستدعي من موريتانيا مضاعفة جهودها لضبط الحدود.
ويعتبر تحرك المغرب حسب الخبير الاستراتيجي الطيار، ضمن الإطار القانوني الدولي لممارسة سيادته وحماية أمنه القومي، مما يجعل أي ردود فعل ميدانية على التسللات العشوائية مبررة قانونيا وسياسيا.