عماد المجدوبي-الرباط
شكل استفسار الملك محمد السادس لكل من وزير الفلاحة ووزير التجهيز الماء، حول وضعية القطاع الفلاحي ومخزون المياه ببلادنا، امتدادا لقرار جلالته إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذه السنة، في ظل الضرر الكبير الذي عرفه القطيع الوطني نتيجة توالي سنوات الجفاف، وهو القرار الذي خلف ارتياحا كبيرا لدى عموم الشعب المغربي.
كشف بلاغ الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، أنه في بداية أشغال المجلس الوزاري، استفسر الملك محمد السادس وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول تأثير التساقطات المطرية على الموسم الفلاحي، وعلى الوضع الحالي للقطيع الوطني من الماشية، وكذا بشأن الإجراءات التي أعدتها الحكومة من أجل إعادة تكوين القطيع بشكل مستدام، وتحسين أوضاع مربي الماشية.
وقد أجاب الوزير بأن التساقطات التي عرفتها بلادنا كان لها أثر جد إيجابي، لا سيما على إنتاج الحبوب، والزراعات الخريفية والربيعية، والأشجار المثمرة، كما كان لها أيضا أثر إيجابي على الغطاء النباتي والماشية بمختلف مناطق المملكة.
وفي هذا السياق، أصدر الملك محمد السادس توجيهاته السامية، قصد الحرص على أن تكون عملية إعادة تكوين القطيع ناجحة على جميع المستويات، بكل مهنية، ووفقا لمعايير موضوعية، وأن يوكل تأطير عملية تدبير الدعم إلى لجان تشرف عليها السلطات المحلية.
كما استفسر الملك محمد السادس، وزير التجهيز والماء، حول نسبة ملء السدود وأثر ذلك على الوضعية المائية ببلادنا؛ حيث أوضح الوزير أن معدل ملء السدود يصل حاليا إلى 40.3 في المائة، وأن هذا الارتفاع يتيح تعبئة ستة ملايير وسبعمائة مليون متر مكعب من المياه، أي ما يعادل استهلاك سنة ونصف من الماء الصالح للشرب.
الداخلية تشرف على الدعم
يشكل تكليف السلطات المحلية بالإشراف على لجان الدعم المخصص لإعادة تكوين القطيع الوطني إشارة واضحة على الصرامة التي يجب أن يتم التعامل بها مع هذا الموضوع. ذلك أن الملك محمد السادس يولي هذا الملف الكثير من العناية، وذلك حتى يضمن له كل سبل النجاح وأن تحقق عملية الدعم الأهداف المرجوة منها بشكل سريع.
ويشكل هذا القرار إشارة واضحة أن المسألة الفلاحية ببلادننا لا ترتبط بقطاع حكومي واحد، بل هي قضية دولة بكاملها.
ذلك أن الاقتصاد الوطني يعتمد بشكل مهم على هذا القطاع الذي شهد تطورا كبيرا في السنوات الماضية، غير أن ظروف الجفاف وبعض الاختيارات التي شهدها القطاع جعلت بلادنا تواجه اليوم ظروفا صعبة.
أيضا وجب التذكير بأن تكليف السلطات المحلية بملف الدعم يعكس في عمقه رغبة في الأخذ بعين الاعتبار للمحددات المحلية والخصوصيات التي تعرفها كل منطقة، بدل من ترك الملف رهين تدبير مركزي قد يؤدي إلى جعل عملية إعادة تكوين القطيع الوطني رهين مساطر وإجراءات لن تؤدي إلى تعطيل هذا المسار الهام.
الفلاحة..قضية استراتيجية
في ترتيب جدول أعمال المجلس الوزاري، يلاحظ بشكل جلي أن الاستفسار الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الوزيرين جاء على المقدمة، وهو ما يعكس الاهتمام الملكي الكبير بهذا الملف. ذلك أن جلالة الملك، ومنذ سنوات، حرص على متابعة إشكالية الماء بشكل مباشر وعبر اجتماعات عمل مكثفة.
خلال هذه الاجتماعات، أصدر الملك محمد السادس تعليمات وتوجيهات من أجل الانكباب على مجموعة من البرامج التي لولاها لما كان المغرب يعرف اليوم استقرارا ليس فقط مستوى موارده المائية، لكن أيضا في إنتاجه الفلاحي الذي يمكن على الأقل من تغطية الطلب الداخلي، وحتى التصدير إلى الخارج.
لذلك، تجسد العناية الملكية التي يوليها جلالته لهذا القطاع إشارة واضحة لكل المسؤولين المشرفين على تدبير شؤون الفلاحة والماء ببلادنا بضرورة الانكباب بكل جدية على معالجة مختلف النواقص، والتفعيل الأمثل للبرامج التي تم إطلاقها، وتفادي كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تأخير خروج المشاريع المبرمجة إلى الوجود في أقرب وقت.