الدار البيضاء-أسماء خيندوف
يعاني العمال المغاربة العاملون في سبتة ومليلية المحتلتين من صعوبة تجديد تصاريح العمل السنوية التي تضمن لهم حرية التنقل، وذلك بسبب القيود الإدارية الجديدة، مما يدفعهم إلى محاولة الوصول إلى أماكن عملهم مع البحث عن حلول بديلة داخل المغرب.
قيود جديدة تهدد آلاف العمال
أشارت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إلى أن أكثر من 3,700 عامل مغربي، معظمهم من سكان تطوان، مرتيل، المضيق، الفنيدق، الناظور، بني نصار وفرخانة، وجدوا أنفسهم عاجزين عن الوصول إلى أماكن عملهم. هؤلاء العمال، الذين يشكلون جزءًا مهمًا من القوى العاملة في المدينتين المحتلتين، يعتمدون بشكل رئيسي على القطاعات التجارية والفندقية والمطاعم.
وأكدت أن الوضع كان مختلفًا قبل جائحة كوفيد-19، حيث كان العمال يتمتعون بحرية التنقل دون الحاجة إلى تأشيرات. إلا أن إغلاق الحدود في مارس 2020، ثم إعادة فتحها بشروط جديدة في مايو 2022، أدى إلى تغيير جذري في ظروف التنقل والعمل، حيث أصبح الحصول على تأشيرات خاصة وشهادات الإقامة شرطًا أساسيًا.
آثار اقتصادية واجتماعية مدمرة
أفادت “جون أفريك” بأن شكيب مروان، الكاتب العام لنقابة العمال العابرين للحدود في سبتة، حذر من أن أكثر من 1,100 عامل مسجلين في الضمان الاجتماعي الإسباني مهددون بفقدان وظائفهم بسبب هذه القيود.
وأضاف مروان أن أرباب العمل في سبتة يطالبون بشهادة الإقامة كوسيلة للحد من تنقل العمال نحو وظائف أفضل داخل إسبانيا.
كما أكد على أن هؤلاء العمال يعانون من ظروف عمل هشة، حيث يتقاضون أجورًا تقل كثيرًا عن نظرائهم من سكان الجيبين، وعند فقدانهم وظائفهم، يجدون أنفسهم دون تعويض أو بدائل واضحة، مما يزيد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
حلول مؤقتة وآفاق غامضة
أوضحت المجلة أن السلطات المغربية حاولت تقديم حلول بديلة لسكان المناطق الحدودية، مثل إنشاء منطقة الأنشطة الاقتصادية في الفنيدق عام 2022، التي تهدف إلى توفير ألف وظيفة مباشرة. كما تم تخصيص 400 مليون درهم لدعم التنمية الاقتصادية في تطوان والمضيق والفنيدق.
وأشارت إلى أن الوضع في مليلية لا يختلف كثيرًا، حيث كان يعمل أكثر من 7,000 عامل مغربي قبل عام 2020، ولكن بعد إعادة فتح الحدود في 2022، تمكن فقط 2,700 عامل من العودة إلى وظائفهم، بينما تُرك الآخرون دون تعويض أو بدائل. إضافة إلى ذلك، أكدت المجلة أن هذه الأزمة تحمل أبعادًا سياسية حساسة، نظرًا لتعقيد العلاقات بين الرباط ومدريد. ولفت شكيب مروان إلى أن العمال العابرين للحدود اختاروا عدم الاحتجاج علنًا لتجنب أي توتر إضافي في العلاقات الثنائية.
رهانات المستقبل
أوردت “جون أفريك” أن آمال العمال المغاربة معلقة على مشاريع تنموية كبرى، مثل ميناء “الناظور ويست ميد” الذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله في 2026، بالإضافة إلى مشاريع سياحية وصناعية في منطقة بحيرة مارتشيكا. ومع ذلك، شددت المجلة على أن هذه المشاريع تحتاج إلى مراعاة البعد الاجتماعي لضمان توفير حلول مستدامة للعمال المتضررين.
وخلصت المجلة إلى أن أزمة العمال العابرين للحدود ليست مجرد قضية اقتصادية، بل هي معركة إنسانية تتعلق بالحفاظ على كرامة آلاف الأسر التي تعتمد على هذه الوظائف للبقاء.