24 ساعة-متابعة
كشف حسن عماري، رئيس الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، عن أبعاد مأساة إنسانية تتجاوز كل التقديرات، مؤكدًا أن ما هو معروف عن المغاربة العالقين في الجزائر لا يمثل سوى “قمة جبل الجليد”.
وجاء ذلك خلال مداخلة مؤثرة عبر تقنية الاتصال عن بعد في ورشة عمل حول الهجرة نظمتها جمعية ثيسغناس بالناظور، حيث أشار إلى غياب التنسيق المؤسساتي، وضعف الرصد الميداني، وسلبية السلطات المعنية في التعامل مع هذا الملف.
أرقام مقلقة ومعاناة غير مرئية
أفادت المعلومات التي قدمها عماري بأن العدد الرسمي للمغاربة العالقين في الجزائر، بمن فيهم المعتقلون والمفقودون، تجاوز 682 شخصًا، من بينهم نساء وأطفال ومسنون. ورجحت التقديرات الواقعية أن العدد الفعلي قد يتجاوز 1000 مهاجر مغربي.
كما يعزى هذا التفاوت إلى الفوضى التي تحيط بعمليات التوقيف والترحيل، وإلى التعتيم الإعلامي، فضلا عن الصعوبات الكبيرة في الحصول على المعلومات من الجانب الجزائري.
يعيش هؤلاء الأشخاص وضعا قانونيا هشا للغاية، ويواجهون خطر الاحتجاز الإداري المطول دون سند قضائي، ويعتقلون تعسفيا. كما حرمون من التواصل مع ذويهم أو مع القنصلية المغربية، مما يجعل مصيرهم مجهولا ويحيل وجودهم إلى معاناة صامتة خارج أي إطار للحماية أو الإنصاف
أحكام “موحدة” وانتهاكات صارخة للعدالة
يثير القلق ما كشفه عماري بشأن 14 مغربيا صدرت بحقهم أحكام بالسجن تصل إلى 10 سنوات في السجون الجزائرية، وتصدر هذه الأحكام في ظل غياب أي معلومات دقيقة حول ظروف الاعتقال، أو التهم الموجهة إليهم، أو الضمانات القانونية التي رافقت محاكماتهم.
وتضاعف حدة الاستغراب بإدانة 39 امرأة مغربية بأحكام موحدة مدتها سنة واحدة، ووصف الناشط الحقوقي ذلك بأنه خرق صارخ لمبدأ المحاكمة الفردية العادلة، وانتهاك واضح لمعايير العدالة الدولية
بالإضافة إلى ذلك، خضع عشرات المهاجرين المغاربة الآخرين لما يعرف بالاحتجاز الإداري لفترات تصل إلى 14 شهرا، دون محاكمة أو قرار قضائي. ويعد هذا الاحتجاز، وفقًا للمعايير الدولية، احتجازًا تعسفيًا يتنافى مع المواثيق الدولية، خاصة الاتفاقية الدولية لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، التي تُلزم الدول المضيفة بتوفير محاكمة عادلة، واحترام كرامة الإنسان، وحظر التوقيف التعسفي غير المبرر
العودة القسرية عبر “زوج بغال”: غياب الكرامة والضمانات
أكد عماري، في ما يتصل بالعودة إلى أرض الوطن، أن عمليات ترحيل المهاجرين المغاربة من الجزائر لا تتم عبر اتفاقات ثنائية أو مساطر رسمية، بل تنفذ بطرق غير نظامية، غالبًا عبر المعبر الحدودي “زوج بغال”، وفي ظروف تتسم بالعشوائية وغياب الحماية القانونية.
ويرى عماري أن هذه الممارسات ليست سوى نتاج مباشر للشلل التام الذي يطبع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، ففي ظل هذا الشلل، لا توجد آلية نشطة أو فعالة لتدبير القضايا الإنسانية العاجلة، ولا حتى قنوات اتصال مفتوحة لتنسيق تسليم الجثامين أو البحث عن المفقودين ورعاية الأطفال القاصرين العالقين، مما يفاقم محنة هؤلاء الأفراد ويتركهم في طي النسيان.