الرباط-عماد مجدوبي
يمر الائتلاف الحكومي الإسباني بين الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE) وحزب سومار اليساري بأكثر لحظاته دقة منذ تشكيله في نونبر 2023، حيث أدت سلسلة من القرارات الأخيرة التي اتخذها حزب رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى تصاعد التوترات الداخلية بشكل كبير، مهددةً استمرار سومار في الحكومة.
وقد فجرت ثلاثة ملفات رئيسية الخلافات داخل الائتلاف: أولها، دفاع وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس العلني عن مغربية الصحراء خلال لقائه بنظيره المغربي.
وثانيها، إعلان رئيس الحكومة بيدرو سانشيز عن خطة لزيادة الإنفاق العسكري إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي. وثالثها، وهو الأكثر إثارة للجدل، إعادة تفعيل الحكومة لعقد شراء الرصاص من إسرائيل، بعد أن كانت قد علقته سابقاً، وذلك رغم التزامها المعلن بتطبيق حظر على الأسلحة المتجهة إلى إسرائيل بسبب العمليات العسكرية في غزة.
وقد أدت هذه القرارات، وفق وسائل إعلام إسبانية، إلى توترات حادة داخل ائتلاف سومار، حيث عبرت مكوناته المختلفة عن غضبها واستيائها. فبينما أثار لقاء ألباريس بنظيره المغربي وزيادة الإنفاق العسكري استياءً، فإن إعادة تفعيل صفقة الأسلحة مع إسرائيل فجر الوضع تماماً. وتطالب جميع تشكيلات سومار بإنهاء العقد مع إسرائيل بشكل فوري، ويطالب حزب “سومار” الذي تنتمي إليه نائبة رئيس الحكومة يولاندا دياز بتقديم وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا لتفسيرات حول هذا القرار. أما حزب اليسار المتحد (IU) فيذهب إلى حد المطالبة باستقالات في وزارة الداخلية، بما في ذلك استقالة الوزير نفسه.
كما يطالب حزب اليسار المتحد بتجديد التزام الحزب الاشتراكي بحظر الأسلحة على إسرائيل، والذي يعتبرونه منتهكاً بإعادة تفعيل عقد الرصاص. بالإضافة إلى ذلك، يطالب حزب “En Comú Podem” بإدراج هذا الحظر في قانون، ولوح بالدفع نحو تصويت في الكونغرس على أساس مبادرة قدمتها منظمات المجتمع المدني إذا لم يستجب الاشتراكيون لهذا المطلب.
وتتفق جميع مكونات سومار على أن الحزب الاشتراكي “أخطأ في تقدير” عواقب هذه القرارات، ويحذرون من ضرورة تصحيحها. ومن المقرر أن يعقد الائتلاف الحكومي اجتماعاً في الأيام المقبلة لمناقشة هذه القضايا الحساسة.
وفي هذا السياق، أعلن منسق حزب اليسار المتحد، أنطونيو مايلو، أن حزبه لا يستبعد مغادرة الائتلاف الحكومي إذا لم يقم الحزب الاشتراكي بتصحيح مساره وإلغاء عقد الأسلحة مع إسرائيل وتحديد المسؤوليات وتجديد التزامه بحظر الأسلحة على هذا البلد، رغم تأكيده على أن رهان حزبه هو الاستمرار في الحكومة. ويبدو أن مستقبل الائتلاف الحكومي الإسباني بات على المحك في ظل هذه الخلافات المتصاعدة.