24ساعة-عبد الرحيم زياد
عبرت الجزائر عن “أسفها” عقب تأكيد كتابة الدولة الأمريكية، دعم واشنطن للسيادة المغربية على الصحراء. واعتبار مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، الحل الجدي وذي المصداقية الوحيد لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
وأصدرت الخارجية الجزائرية بيانا قالت فيه إنها أخذت علما بتأكيد كتابة الدولة لموقف الولايات المتحدة الأمريكية. الذي يعتبر مخطط الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية كحل أوحد لنزاع الصحراء.
بيان الجزائر: تمسك بسرديات البوليساريو وتجاهل للاعترافات الدولية بسيادة المغرب
وأعادت الجزائر في بيان وزارة خارجيتها، تكرار خطاب متجاوز يستند إلى سرديات تتبنى أطروحة البوليساريو. متجاهلة التحولات الجيوسياسية التي بات يعرفها هذا النزاع، بعد توالي سلسلة الاعترافات من قوى إقليمية ودولية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
في بيان أصدرته وزارة الخارجية الجزائرية يوم 9 أبريل 2025، عبّرت الجزائر عن “قلقها” إزاء الموقف الأمريكي الذي يعتبر خطة الحكم الذاتي. تحت السيادة المغربية الحل الوحيد لنزاع الصحراء الغربية. هذا القلق يأتي في سياق تصاعد الدعم الدولي للمقترح المغربي. الذي بات يحظى بتأييد قوى كبرى كالولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا وغيرها. الجزائر، في ردّها. لجأت إلى خطاب قانوني انتقائي، مدينةً ما وصفته بـ”انحراف” عن القانون الدولي، رغم أن قرارات مجلس الأمن تؤكد ضرورة التوصل إلى حلول “واقعية وعملية ومقبولة” من الأطراف.
لكن هذا الموقف يكشف تناقضًا جوهريًا في نهج الجزائر. فهي تكثّف البيانات، تستقبل مبعوثي الأمم المتحدة. وتستحضر الشرعية الدولية، بينما تنفي باستمرار أي تورط مباشر في نزاع تستثمر فيه معظم جهدها الدبلوماسي. قبل أيام من البيان. استقبلت الجزائر المبعوث الأممي للصحراء، ستافان دي ميستورا، حيث دعا وزير خارجيتها، أحمد عطاف، إلى “مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو”. تصريح يثير الدهشة من دولة تزعم أنها ليست طرفًا في النزاع. بينما ترفض المشاركة في “الموائد المستديرة” التي أقرتها قرارات مجلس الأمن (القرار 2440 لعام 2018). مطالبةً في الوقت ذاته بحق التأثير على مسار التسوية.
موقف الجزائر: التدخل بالنفي
في الحقيقة، الجزائر تُعلّق بقوة على قضية ترفض الاعتراف بدورها المركزي فيها. إنها تطالب بمقعد المراقب وصوت حاسم في آنٍ معًا، ممزجةً بين التدخل غير الرسمي والنفي الرسمي. هذا الازدواج يكشف عن ارتباك دبلوماسي عميق، في وقت يواصل فيه المغرب التمسك بمقترح الحكم الذاتي المقدم عام 2007، والذي يراه العديد من اللاعبين الدوليين جديًا وموثوقًا وقادرًا على تحقيق تسوية دائمة. من واشنطن إلى مدريد، ومن برلين إلى باريس، يعيد التأييد الصريح للمبادرة المغربية رسم خارطة دبلوماسية تواجهها الجزائر بموقف متجمد في القرن الماضي.
استحضار الجزائر لقرار الجمعية العامة 1514 (1960) حول الاستعمار يبدو اليوم بعيدًا عن الواقع القانوني والسياسي للصحراء، التي تُظهرها الخرائط الرسمية للمؤسسات الدولية كجزء متصل جغرافيًا بالمملكة الشريفية. وبينما يميل الإجماع الدولي نحو حل قائم على الحكم الذاتي، تغرق الجزائر في خطاب متضارب، حيث تندد بما تدعي أنه لا يعنيها.
أزمة هوية دبلوماسية
هذا النهج يشبه عملية توازن دبلوماسي محكوم بالإرهاق. فالجزائر لا تكتفي بالتعليق، بل تطالب بصوت مسموع، مع رفضها تحمل أي مسؤولية. إنها معادلة مستحيلة تكشف عن خلل عقائدي عميق. في المقابل، يحافظ المغرب على ثبات موقفه، مدعومًا بتأييد دولي متنامٍ، مما يضع الجزائر أمام مأزق إما مراجعة استراتيجيتها، أو الاستمرار في خطاب يفقد زخمه يومًا بعد يوم.
نزاع الصحراء لم يعد مجرد قضية إقليمية، بل اختبار للمصداقية الدبلوماسية. الجزائر، بموقفها المتناقض، تعكس عجزًا عن مواكبة التطورات الدولية، بينما يرسخ المغرب رؤيته كحل عملي مدعوم عالميًا. في هذا السياق، يبدو بيان 9 أبريل أقل تعبيرًا عن موقف مبدئي، وأكثر دلالة على حيرة استراتيجية.