24 ساعة-متابعة
لقيت ورقة امتحان مادة “علم الإجرام” بجامعة محمد الخامس بالرباط، انتقادات واسعة بعد تضمينها سؤالا حول قضية “جريمة ابن أحمد” التي هزت المجتمع المغربي مؤخرا.
وفي هذا السياق تصاعدت موجة الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر عدد من الحقوقيين والأكاديميين أن صياغة السؤال “تفتقر إلى الحساسية المطلوبة” و”تتعامل مع القضية بشكل مجرد بعيدا عن أبعادها الإنسانية”.
وكان مضمون السؤال الامتحاني الذي تم تقديمه لطلبة شعبة القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – سلا، التابعة لجامعة محمد الخامس، “شهدت مدينة ابن أحمد قيام شخص (ق) عنيف وقوي البنية لمجرد استفزازه بقتل مجموعة من الأشخاص بعنف مع التمثيل بجثثهم بطريقة بشعة ووحشية، علما أنه كان يدعي ظاهريا تدينه الشديد وتكريس كل وقته لخدمة أحد مساجد حيه”.
ومن جانبها، تابعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بقلق بالغ واستغراب شديد، مضمون هذا السؤال الامتحاني الذي تضمن معطيات صادمة تمس بالحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، وتتنافى كليا مع المبادئ الدستورية والمعايير الأكاديمية والأخلاقية التي ينبغي أن تؤطر العملية التعليمية الجامعية.
وشددت الرابطة، على كيفية تسرب مثل هذه التصورات إلى امتحان جامعي في مؤسسة يفترض أنها تقوم على التكوين العلمي الرصين، لا على إعادة إنتاج الأحكام المسبقة والأفكار التمييزية.
وأوضحت أن الأوساط الجامعية ليست أماكن لتكريس التنميط، بل فضاءات للتفكير النقدي والتربية على احترام حقوق الإنسان، مما يستدعي مساءلة علمية وأكاديمية صارمة للمسؤولين عن صياغة هذا الامتحان.
وأشارت إلى أن تضمين هذا السؤال يعتبر خرقا جسيما لمبدأ قرينة البراءة، حيث إن تضمين الامتحان لحالة افتراضية تُحاكي جريمة جارية لم يصدر فيها بعد أي حكم قضائي نهائي، مع استعمال أوصاف تؤطر الفاعل المفترض على أنه مجرم (“عنيف، قوي البنية، مستفز”)، يمثل خرقا مباشرا وصارخا لمبدأ قرينة البراءة، كما هو منصوص عليه في الفصل 23 من الدستور المغربي.
كما اعتبرت أن هذا الانزلاق الأكاديمي لا يعكس فقط خرقا قانونيا، بل يسائل المنظومة التعليمية حول مدى احترامها لروح القانون ومبادئ العدالة، وأنها وصم جماعي وإساءة لساكنة المدينة، ومساس خطير بكرامة الساكنة وسمعة المدينة، ويكرس منطق الوصم الجهوي والثقافي غير المقبول، خاصة بعد ذكر اسم مدينة “ابن أحمد” في سياق امتحاني يرتبط بجريمة بشعة.
وأورد المصدر ذاته، أن تصوير الفاعل المفترض على أنه شخص متدين بشدة يكرس كل وقته لخدمة أحد مساجد الحي” لا يمكن فهمه خارج سياق الربط المتعمد بين مظاهر التدين وممارسة الجريمة، وهو ربط مغرض وخطير يكرس صورة نمطية تشكك في المتدينين وتعرضهم للإقصاء المجتمعي والتشهير المعنوي، في خطاب نمطي وتمييزي ضد المتدينين”.
وتلقى العديد من أبناء المدينة، هذا السؤال على أنه إهانة جماعية، أدى إلى موجة من السخرية والتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما استدعى سابقا تدخل فرع الرابطة بمدينة ابن أحمد عبر تنظيم وقفة احتجاجية تنديدا بهذا الأسلوب المشين في التعامل الأكاديمي مع مناطق الوطن.
ودعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إلى فتح تحقيق أكاديمي عاجل داخل الكلية لتحديد المسؤوليات، ومساءلة من يقف وراء إعداد هذا الامتحان المثير للجدل، مطالبة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بوضع ميثاق وطني للأخلاقيات الأكاديمية، يتضمن ضوابط واضحة تمنع إدراج قضايا واقعية جارية أو إسقاطات تمييزية.