الرباط-عماد مجدوبي
في تحرك جدي، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبادرة جديدة تهدف إلى حل نزاع الصحراء، الذي يعتبر من أطول الصراعات في المنطقة المغاربية.
وتأتي هذه المبادرة في ظل تصاعد التوترات بين المغرب والجزائر، وبعد سنوات من التغيرات الدبلوماسية التي أحدثها اعتراف إدارة ترامب بمغربية الصحراء سنة 2020.
وأعلن مسعد بولس، مستشار ترامب للشؤون الأفريقية، أنه سيبدأ جولة مكوكية إلى الجزائر والمغرب، تهدف ظاهرياً إلى إجراء مناقشات إقليمية، ولكنها تعكس في الواقع رغبة أمريكية في إعادة تحديد أدوات نفوذها في المنطقة، في ظل المنافسة الجيوسياسية المتزايدة مع قوى عالمية أخرى.
ويسعى بولس خلال زيارته للمنطقة، إلى إعادة الجزائر إلى قلب الحوار الدبلوماسي الأمريكي، التي تعتبر اعتراف ترامب بمغربية الصحراء سنة 2020 بمثابة دعم أحادي الجانب للمغرب، مما يشير إلى الدور المحوري للجزائر في هذا الملف.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة الأمريكية تهدف إلى إعادة إرساء شكل من أشكال الحوار المتوازن في المنطقة.
تحركات دبلوماسية وسط التوتر
في سياق متوتر بالمنطقة، سيبدأ إذن مسعد بولس، مستشار دونالد ترامب، سلسلة من الزيارات إلى الجزائر والمغرب. هذه الجهود تهدف رسمياً إلى النقاش حول القضايا الإقليمية وتعكس رغبة أمريكية في تعزيز نفوذها الجيوسياسي في منطقة تتنافس فيها مع قوى مثل الصين وروسيا وبعض الدول الأوروبية.
من جهة ثانية، يبدو أن فريق ترامب يسعى، من خلال هذه المبادرة، إلى حسم الملف، وذلك على أساس الحكم الذاتي التي يقدمه المغرب كـ ”حل واقعي” للنزاع. فيما يبقى التساؤل عما إذا كانت الجزائر ستقبل المشاركة في حلحلة الملف.
ثبات الموقف الأمريكي من الصحراء
تصريحات مسعد بولس، المستشار الخاص لدونالد ترامب، في مقابلة مع قناة ”ميدي1”، عقب إعلان الزيارة، تظهر مجدداً ثبات الموقف الأمريكي من قضية الصحراء.
هذا التأكيد، الذي تكرر على لسان مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، يقطع الطريق أمام أي تأويلات أو محاولات للتشويش على الموقف الأمريكي الواضح والصريح.
ويمثل الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على صحرائه، كما عبر عنه الرئيس ترامب سنة 2020، نقطة تحول تاريخية في هذا الملف، ويضع حداً لأي جدل حول الموقف الأمريكي.
دعم قوي لمقترح الحكم الذاتي
إلى جانب الاعتراف بالسيادة المغربية، جدد بولس التأكيد على دعم الولايات المتحدة القوي لمقترح الحكم الذاتي المغربي. هذا المقترح، الذي وصفه مستشار ترامب بـ “الجاد والموثوق والواقعي”، يحظى بإشادة واسعة من المجتمع الدولي، باعتباره الحل الأكثر جدية ومصداقية لتسوية هذا النزاع. الدعم الأمريكي لهذا المقترح يعزز من فرص نجاحه، ويشجع الأطراف الأخرى على الانخراط بجدية في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
تعزيز الشراكة الاستراتيجية
تصريحات بولس لم تقتصر على قضية الصحراء، بل تناولت أيضاً العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة. فقد أكد على مكانة الشراكة المغربية الأمريكية في تعزيز السلام والأمن في المنطقة، واصفاً المغرب بـ “الشريك الرئيسي” للولايات المتحدة.
ويعكس هذا التأكيد الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن للمغرب، ودوره المحوري في استقرار المنطقة. كما أشار إلى “الدور الأساسي جدا والمحوري والاستراتيجي” الذي يلعبه المغرب في الشؤون الأفريقية والعربية والشرق أوسطية، مما يؤكد كذلك على الثقة الأمريكية في الدور الذي يلعبه المغرب على المستوى الدولي.
تطبيق رؤية مشتركة
إشارة مستشار ترامب إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل على تطبيق رؤية الملك محمد السادس والرئيس ترامب بخصوص حل قضية الصحراء وتطوير العلاقات الثنائية، تؤكد على وجود تنسيق وتعاون وثيق بين البلدين في هذا الملف.
ويعزز التنسيق من فرص تحقيق تقدم ملموس في حل النزاع، ويؤكد على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.
رسائل واضحة للأطراف الأخرى
كما حملت تصريحات بولس رسائل واضحة للأطراف الأخرى المعنية بالنزاع. فهي تؤكد على أن الموقف الأمريكي لن يتغير، وأن الولايات المتحدة ستواصل دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي. كما أنها تشجع الأطراف الأخرى على الانخراط بجدية في العملية السياسية، والابتعاد عن أي محاولات لعرقلة جهود السلام.