24 ساعة-أسماء خيندوف
برز اليوسفي المغربي “ناضوركوت” كأحد أبرز رموز نجاح الفلاحة المغربية، حيث فرض نفسه في الأسواق الدولية بفضل جودته العالية، ومذاقه المميز، وقيمته التجارية المضافة.
وتوج هذا النجاح بإطلاق علامة “ناضورين.. طبيعي قليل البذور”، التي تعكس التميز المغربي في الزراعة والتصدير، وفقا لما نشره موقع “إيست فروت” المتخصص في صادرات الخضر و الفواكه.
يعد “ناضوركوت” من أهم صادرات المملكة في قطاع الحمضيات، بفضل خصائصها الفريدة كقلة البذور، وسهولة التقشير، والتوفر في موسم متأخر بين يناير وأبريل، وهو ما يمنح المغرب أفضلية تنافسية في الأسواق العالمية بعد تراجع صادرات دول منافسة مثل إسبانيا والصين.
ثمار البحث العلمي والتطوير الزراعي
تم تطوير صنف “ناضوركوت” خلال ثمانينيات القرن الماضي من طرف الباحث المغربي ناضوري البشير بالمعهد الوطني للبحث الزراعي، قبل أن يبدأ إنتاجه التجاري سنة 1990 من طرف مجموعة “الضيعات الفلاحية”. ويزرع اليوم على مساحة تناهز 40 ألف هكتار في مناطق سوس-ماسة، مراكش، الغرب، آسفي، بني ملال، بركان والقلعة، مستفيدا من المناخ الملائم للمملكة.
وسجل إقليم بركان وحده خلال موسم 2024-2025 إنتاجا قدر بـ192 ألف طن من الحمضيات، أكثر من نصفها من أصناف اليوسفي بما فيها “ناضوركوت”.
حماية الملكية وتحدي المنافسة
أوضحت “إيست فرويت” في تقريرها، أن نجاح “ناضوركوت” عالميا لم يخل من تحديات، إذ برزت منافسة صنف “تانغو” المطور في كاليفورنيا بتقنيات الإشعاع، والذي يسوق أحيانا بشكل مضلل تحت تسميات “ناضوركوت” أو “موركوت”.
وبحسب المنصة فإن جمعية منتجي “ناضوركوت” بالمغرب أطلقت تحذيرات للأسواق الأوروبية والأمريكية بشأن انتهاك حقوق الملكية، مؤكدين أن زراعة “ناضوركوت” محصورة منذ 2003 في مناطق محددة ومرخصة فقط في المغرب وبعض الدول الأخرى مثل إسبانيا وجنوب أفريقيا وإسرائيل. وقد ساهمت الإجراءات القانونية في دول كإسبانيا وألمانيا وكندا في تعزيز حماية الصنف والحفاظ على سمعته الدولية.
تفوق مغربي في التصدير
تحتل المملكة المرتبة الخامسة عالميا في تصدير اليوسفي، بصادرات بلغت 495 ألف طن سنة 2022، مع توقعات ببلوغ 597 ألف طن خلال موسم 2024-2025، أي بزيادة 31% على أساس سنوي.
ويعد اليوسفي، وفي مقدمته “ناضوركوت”، أول فاكهة مصدرة في المملكة، بعائدات بلغت 290 مليون دولار في الموسم التجاري 2022-2023. كما تشكل أوروبا الوجهة الأولى بنسبة 34% من القيمة الإجمالية، تليها كندا والولايات المتحدة.
تمكنت المملكة من تبوء المرتبة الأولى كمصدر لليوسفي إلى كندا بـ73 ألف طن، رغم انخفاض الإنتاج بـ25% سنة 2022. كما استوردت بريطانيا ما قيمته 47 مليون دولار من اليوسفي المغربي سنة 2022، ضمن صادرات فلاحية تجاوزت 542 مليون دولار.
رغم الصعوبات المرتبطة باضطرابات البحر الأحمر، نجحت المملكة في ولوج أسواق جديدة في جنوب شرق آسيا. وصدرت نحو 630 طنا من اليوسفي إلى هونغ كونغ وماليزيا وسنغافورة سنة 2023-2024. كما شاركت في مهمة تجارية تاريخية في أبريل 2025 رفقة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، للترويج لليوسفي المغربي.
وأبدى مستوردون آسيويون اهتماما واضحًا بـ”نادوركوت” بسبب توفره في فترة متأخرة من الموسم. ويمثل السوق الآسيوي فرصة كبيرة، إذ يتوقع أن تبلغ وارداته السنوية من اليوسفي 500 ألف طن، منها 200 إلى 300 ألف طن في فيتنام فقط.
كما تمثل أفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط أسواقا صاعدة، حيث استحوذت على 10% و4% من صادرات الحمضيات المغربية على التوالي سنة 2022.
ابتكار واستدامة في قلب المنظومة
يعتمد نجاح صادرات “ناضوركوت” على ممارسات زراعية مستدامة وتقنيات مبتكرة، إذ تستثمر حلول الري الذكي والزراعة المتكيفة مع المناخ، ويقلص استخدام الأسمدة الكيميائية بما يتماشى مع الطلب العالمي على منتجات صديقة للبيئة.
وتدعم الدولة هذا القطاع من خلال استثمارات في 53 محطة تلفيف بطاقة 850 ألف طن، وبنية تحتية جديدة للتبريد تضمن جودة المنتج في الأسواق البعيدة مثل أمريكا الشمالية. وقد وصلت أولى شحنات “ناضوركوت” إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة في يناير 2025. كما تم إطلاق الموقع الإلكتروني “www.nadorine.com” للتعريف بالمنتج وجذب مستوردين جدد.
ورغم المنافسة القوية من اليوسفي المصري منخفض التكلفة، تواصل المملكة التميز بجودة إنتاجها. وتمثل ندرة المياه تحديا متزايدا، غير أن توسيع المساحات الزراعية في منطقتي الغرب وبركان ساهم في رفع الإنتاج هذا الموسم.
وفي إطار دعم السوق الداخلي، أطلقت الجمعية حملة وطنية للترويج لـ”ناضوركوت” سنة 2025، إلى جانب تقديم صنف جديد “سويتكوت” يمتد موسم حصاده حتى ماي، ما يعزز ريادة المملكة في الابتكار الزراعي.
يمثل “نادوركوت” نموذجا للتميز الزراعي المغربي، بفضل مذاقه الفريد وجودته العالية وتوفره الموسمي. ومع توسع الصادرات نحو أسواق جديدة، خاصة في آسيا وأمريكا الشمالية، وتعزيز البنيات التحتية وحماية الملكية، تواصل المملكة ترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي في سوق الحمضيات العالمي.