عماد المجدوبي-الرباط
تتصاعد حدة الجدل والاستياء في قلعة مكونة، عاصمة الورود، حول فعاليات اختيار ملكة الجمال التي تقام سنويًا ضمن المهرجان الدولي للورد العطري.
ويعتبر العديد من أبناء المنطقة هذه المسابقة “استنساخًا مشوها لمعايير الجمال وضربا صريحا لقيمهم ومثلهم الأصيلة”، خاصة تلك التي تولي مكانة رفيعة للمرأة في مجتمعات الجنوب الشرقي.
ويصف سكان محليون مشهد عرض الفتيات على منصة المسابقة بأنه أشبه بـ “سوق للدلالة”، معتبرين أنه يتنافى بشكل صارخ مع الصورة المحترمة التي يكنها أهل الجنوب الشرقي للمرأة، خاصة في ثقافات أسامر العريقة التي تعتبر المرأة رمزًا للعزة والكرامة وشريكًا فاعلاً في المجتمع، لا سلعة تُعرض وتقيّم بمعايير سطحية.
ويرى المنتقدون أن اختزال جمال المرأة في معايير نمطية مستوردة وتجاهل العمق الثقافي والقيمي لفتيات المنطقة يمثل “استلابة واضحة للهوية وتكريسًا لقيم دخيلة”. وبدلًا من الاحتفاء بالجمال الحقيقي المتجلي في أصالة المرأة الجنوبية الشرقية وثقافتها وعلمها ومساهمتها في مجتمعها، يتم التركيز على معايير شكلية لا تعكس جوهرها وقيمتها الحقيقية.
ويؤكد أبناء المنطقة أن استمرار هذا النوع من المسابقات التي تنظر إلى المرأة كجسد يُعرض ويُقيّم، “يُعتبر ضربًا موجعًا للقيم والمثل العليا التي تربى عليها أجيال”، وتجاهلًا لتاريخ عريق من احترام المرأة وتقدير دورها المحوري في المجتمع، حيث كانت المرأة في مجتمعات أسامر تتمتع بمكانة مرموقة كحاضنة للتراث وصانعة للأجيال وشريكًا أساسيًا في تدبير شؤون الأسرة والمجتمع.
وتعالت أصوات من قلعة مكونة والجنوب الشرقي يشكل عام، مستنكرة هذه الممارسات، معتبرة إياها “رفضًا قاطعًا لتحويل بناتهن إلى مجرد أدوات للعرض”، وتأكيدًا على التمسك بالقيم الأصيلة التي تضع المرأة في مكانة تستحقها من الاحترام والتقدير. ويشدد السكان على أن الاحتفاء بجمال المنطقة يجب أن يكون احتفاءً شاملاً بثقافتها وتراثها وقيمها، وفي القلب منها المكانة الرفيعة للمرأة.
ويأمل أبناء قلعة مكونة أن يستمع منظمو المهرجان والمسؤولون عن الشأن الثقافي في المنطقة إلى أصواتهم، وأن يتم في الدورات القادمة تبني مقاربة أكثر احترامًا ووعيًا بالخصوصية الثقافية للمنطقة، تحتفي بالجمال الحقيقي للمرأة الجنوبية الشرقية في عمقه وأصالته، بدلاً من اختزاله في معايير سطحية لا تعكس هويتها الحقيقية وقيمتها الإنسانية الرفيعة.