24 ساعة-العيون
شكل استقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، لرئيس مجلس النواب المغربي رشيد الطالبي العلمي، في العاصمة نواكشوط، انطلاقة أشغال الدورة الأولى للمنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي، حدثا لافتا تجاوز في دلالاته الأطر البروتوكولية المعتادة.
وهذا اللقاء رفيع المستوى الذي تم داخل القصر الرئاسي الموريتاني، حمل في طياته رسائل سياسية عميقة، تشير إلى تحول محتمل في ديناميكيات العلاقات بين البلدين الشقيقين، وربما يمهد لمقاربة جديدة في بناء التكامل المغاربي.
استقبال يتجاوز البروتوكول
ووفق وسائل اعلام موريتانية، لم يكن استقبال رئيس البرلمان المغربي من قبل الرئيس الموريتاني مجرد لقاء بروتوكولي عادي، فالحفاوة التي قوبل بها الوفد المغربي، واستقبال رئيس مجلس النواب داخل القصر الرئاسي، هي خطوة تتجاوز الأعراف الدبلوماسية المتبعة في التعامل مع رؤساء البرلمانات عادة، بعثت برسالة قوية ومباشرة.
وهذه الحفاوة غير المعهودة تعكس رغبة موريتانية واضحة في إعطاء دفعة قوية للعلاقات الثنائية مع المغرب، وتؤكد على الأهمية التي توليها نواكشوط لهذه العلاقة في المرحلة الراهنة.
رسالة سياسية واضحة: انفتاح موريتاني على المغرب
وأبرز المصدر ذاته، أن مستوى الاستقبال وحفاوته يحملان حمولة سياسية عالية، فموريتانيا، التي كانت في الغالب تميل إلى انتهاج سياسة حذر في علاقاتها مع جارتيها الشماليتين. المغرب والجزائر، يبدو أنها باتت اليوم أكثر انفتاحا بشكل كامل على المغرب.
وهذا الانفتاح يتم التعبير عنه من خلال الواجهة البرلمانية كأداة دبلوماسية موازية وفعالة، قادرة على تجاوز بعض الحساسيات التي قد تعترض المسارات الدبلوماسية التقليدية، كما أنها رسالة مفادها أن نواكشوط اختارت مسارا واضحا في تعزيز علاقاتها مع الرباط.
الأهداف المعلنة وغير المعلنة: نحو تكامل عملي
على الرغم من أن الزيارة أعلنت عن أهداف تتمثل في تقوية التعاون البرلماني ودعم الاقتصاد في الدولتين، وهي أهداف نبيلة ومهمة بحد ذاتها، إلا أن توقيتها ومكانتها البروتوكولية تضيف إليها أهدافا أخرى غير معلنة، لكنها لا تقل أهمية.
ويبدو أن هذه الزيارة قد هيأت لوضع نموذج مصغر لتكامل مغاربي عملي، يختلف عن النسخة الكلاسيكية للتكامل المغاربي التي ظلت حبيسة الشعارات ولم تتحقق على أرض الواقع.
وهذا النموذج الجديد، يقوم على مشاريع اقتصادية واقعية وملموسة، تركز على المصالح المشتركة وتعود بالنفع المباشر على الشعبين.
“إذا لم يتفق الخمسة…”: دعوة للبدء الثنائي
وكشف المصدر أن الزيارة تحمل في طياتها شعارا ضمنيا عميقا مفاده: “إذا لم يتفق الخمسة في المغرب العربي (موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا)، فليبدأ اثنان هما موريتانيا والمغرب”.
ويعكس هذا الشعار إحباط حالة الجمود التي يعرفها بناء اتحاد المغرب العربي، وتقترح مقاربة بديلة تقوم على البدء بتعاون ثنائي قوي بين دولتين أو أكثر تكون لديهما الإرادة السياسية والرغبة في المضي قدما نحو التكامل، على أمل أن يشكل ذلك نموذجا يحتذى به ويفتح الباب أمام انضمام باقي الدول لاحقا.