24 ساعة-عبد الرحيم زياد
يُعدّ تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية، على اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، كما وصفه مَسعَد بُولُس، مستشار الرئيس الأمريكي الخاص للشؤون الإفريقية، بأنه “قوي” و”لا لبس فيه”،
تأكيد يعتبر خطوة دبلوماسية ذات أبعاد سياسية وقانونية عميقة. هذا الاعتراف، الذي تم تكريسه عبر مرسوم رئاسي أصدره الرئيس دونالد ترامب في دجنبر 2020، يحمل أهمية كبرى للمغرب وللعلاقات المغربية-الأمريكية، مع انعكاسات واضحة على الوضع الإقليمي في شمال إفريقيا.
في هذا المقال، نستعرض السياق السياسي والقانوني لهذا الاعتراف، أهميته الاستراتيجية، والتحديات المستقبلية المرتبطة به.
السياق السياسي والقانوني
في دجنبر 2020، وخلال اتصال هاتفي بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن الأخير عن إصدار مرسوم رئاسي يعترف رسميًا بسيادة المغرب الكاملة على إقليم الصحراء المغربية. هذا المرسوم، الذي يتمتع بقوة قانونية وسياسية ثابتة وبأثر فوري، شكّل تحولًا تاريخيًا في موقف الولايات المتحدة، التي كانت تتبنى لعقود موقفًا محايدًا إزاء نزاع الصحراء. هذا القرار جاء في سياق دبلوماسي أوسع، تضمن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل ضمن اتفاقيات إبراهيم، مما يعكس استراتيجية أمريكية لتعزيز التحالفات في المنطقة.
تأكيد مستمر
تصريحات مَسعَد بُولُس الأخيرة، التي وصف فيها الاعتراف الأمريكي بأنه “قوي” و”لا لبس فيه”، تعكس استمرارية هذا الموقف عبر إدارات مختلفة. كما أشار بُولُس إلى تصريح كاتب الدولة روبيو، الذي جدد التأكيد على هذا الاعتراف، مما يبرز التزام الولايات المتحدة بدعم سيادة المغرب. هذه التأكيدات ليست مجرد تصريحات رمزية، بل تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في شمال إفريقيا من خلال دعم حل سياسي تحت السيادة المغربية، وهو ما يتماشى مع مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب.
الأهمية الاستراتيجية
يُعتبر الاعتراف الأمريكي دفعة قوية للمغرب في المحافل الدولية، لا سيما في إطار الأمم المتحدة، التي تدعم عملية سياسية لحل نزاع الصحراء. هذا الدعم يعزز مصداقية مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي تلقى قبولًا متزايدًا كحل وسط عملي وعادل. كما أن اعتراف دولة عظمى مثل الولايات المتحدة يشجع دولًا أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة، كما فعلت عدة دول إفريقية وعربية مثل الإمارات العربية المتحدة والسودان، التي فتحت قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمغرب.
تعزيز العلاقات المغربية-الأ الاعتراف الأمريكي يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، التي تشمل التعاون في مجالات الأمن، مكافحة الإرهاب، الاقتصاد، والتنمية. هذا الاعتراف، الذي ارتبط بتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يعزز التحالفات الإقليمية ويضع المغرب كشريك محوري في المنطقة. كما أن افتتاح قنصلية أمريكية في الداخلة يعكس التزامًا عمليًا بتفعيل هذا الاعتراف على أرض الواقع.
تأثير إقليمي
الاعتراف الأمريكي يضع ضغطًا على الأطراف الأخرى في النزاع، خاصة جبهة البوليساريو والدول الداعمة لها مثل الجزائر. هذا الضغط قد يدفع هذه الأطراف لإعادة تقييم مواقفها، خاصة في ظل تزايد الدعم الدولي للحل المغربي. كما أن هذا الاعتراف يساهم في إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية، حيث يعزز استقرار المنطقة من خلال دعم شريك موثوق مثل المغرب.
التحديات المستقبلية
على الرغم من القوة القانونية للمرسوم الرئاسي، فإن التغيرات في الإدارات الأمريكية قد تثير تساؤلات حول استدامة هذا الموقف. ومع ذلك، فإن التأكيدات المتكررة من مسؤولين بارزين، مثل مَسعَد بُولُس وروبيو، تشير إلى وجود توافق داخلي في السياسة الخارجية الأمريكية بشأن هذا الملف. الحفاظ على هذا الدعم يتطلب من المغرب مواصلة تعزيز شراكته مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات.
إن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، كما تم التعبير عنه في تصريحات مَسعَد بُولُس ومسؤولين آخرين، يمثل دعمًا قويًا للمغرب في سعيه لحل نهائي لقضية الصحراء. هذا الموقف يعزز مكانة المغرب كشريك استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة، مع إمكانية إعادة تشكيل ديناميكيات النزاع على المستوى الإقليمي والدولي.
ومع ذلك، يظل نجاح هذه الخطوة مرهونًا بقدرة المغرب على استثمار هذا الدعم لتعزيز الحل السياسي المستدام، من خلال تعزيز التنمية في الصحراء، ومواصلة الحوار مع الأطراف المعنية، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. هذا الاعتراف، إذا تم استغلاله بشكل فعال، قد يكون نقطة تحول حاسمة في مسار قضية الصحراء المغربية.