24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
في سياق نشر البيانات المتعلقة بالثروة السمكية لعام 2022، لم تكتفِ المديرية العامة للشؤون البحرية والصيد البحري التابعة للمفوضية الأوروبية (DG MARE) بتقديم تقرير إحصائي تقليدي، بل أرفقت معطياتها بخريطة جغرافية تحمل دلالات سياسية عميقة. الخريطة. التي نشرتها المؤسسة الأوروبية، تُظهر المغرب في كامل أراضيه، من طنجة إلى الكويرة، ومن الأطلس إلى الدرعة، بما في ذلك الصحراء، دون أي تمييز أو تقسيم، في تأكيد ضمني للوحدة الترابية للمملكة.
هذه الرسالة السياسية، تعبير واضح وتأييد غير مباشر للسيادة المغربية على صحرائه. لا خطوط متقطعة، لا تعليقات توضيحية، ولا إشارات دبلوماسية مترددة: المغرب، كما ظهر في منشور الاتحاد الأوروبي، هو كيان جغرافي موحد، متكامل، وسيد على كامل ترابه.
🇲🇦🇪🇺 La Commission européenne affiche une carte complète du #Maroc sur le site officiel de la DG MARE. 🇩🇿Alors Alger, c’est pour quand le rappel de l’ambassadeur à Bruxelles ?
Ou bien l’Union européenne est trop grande pour vos gesticulations habituelles ? pic.twitter.com/0yxj5BSL46
— PhDounia 🎓 (@PhDounia) April 9, 2025
أرقام الثروة السمكية: قوة اقتصادية متنامية
ترافق هذا الموقف مع إحصاءات تبرز أهمية القطاع البحري المغربي. فقد بلغت كمية الأسماك المصطادة في المغرب خلال 2022 حوالي 1.6 مليون طن، بزيادة قدرها 11% مقارنة بالسنوات السابقة. هذا النمو يعزى بشكل رئيسي إلى وفرة السردين الأوروبي (Sardina pilchardus)، الذي شهد ارتفاعًا بنسبة 25%، مما يعكس غنى المياه الأطلسية المغربية بهذه الثروة الطبيعية التي تُعد رمزًا للاقتصاد البحري الوطني.
على صعيد الاستزراع المائي، سجل المغرب إنتاجًا بمقدار 2300 طن، تركز 87% منه على أنواع ذات قيمة مضافة عالية مثل المحار الباسيفيكي (Crassostrea gigas)، ثعبان البحر الأوروبي (Anguilla anguilla)، وسمك البلطي النيلي (Oreochromis niloticus). هذه الأرقام، وإن كانت متواضعة مقارنة بالصيد التقليدي، تُظهر توجهًا استراتيجيًا نحو تنويع الإنتاج البحري وتعزيز الاستدامة.
الخريطة: رسالة سياسية
لكن بعيدًا عن الأرقام، تبقى الخريطة هي محور الاهتمام الأبرز. إنها ليست مجرد أداة توضيحية، بل تعبير عن رؤية سياسية. في سياق دبلوماسي معقد، حيث تُستخدم الخرائط أحيانًا للتهرب من المواقف الواضحة عبر إضافة تعليقات أو تقسيمات، اختارت المفوضية الأوروبية أن تُظهر المغرب كما يُعرف نفسه: موحدًا، متكاملًا، وسيدًا على أراضيه من الشمال إلى الجنوب. هذا الاختيار يحمل دلالات تتجاوز التقرير التقني، إذ يعكس تزايد الاعتراف الدولي بالسيادة المغربية على الصحراء، في مواجهة الخطابات المعارضة التي تقودها الجزائر والبوليساريو.
دلالات أوروبية في سياق إقليمي
في إطار العلاقات الأوروبية-المغربية، التي تتسم بالتعاون الاقتصادي والاستراتيجي العميق. تُعد هذه الخريطة إشارة دبلوماسية لا يمكن تجاهلها. الاتحاد الأوروبي، الذي يرتبط مع المغرب باتفاقيات تجارية وشراكات في مجال الصيد البحري، يبدو من خلال هذا المنشور. وكأنه يعزز موقفًا يتماشى مع الواقع الجغرافي والسياسي للمملكة. هذا التمثيل يأتي في وقت يشهد المغرب تقدمًا دبلوماسيًا ملحوظًا في قضية الصحراء، مع تزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي كحل عملي وواقعي.