24 ساعة-أسماء خيندوف
أطلقت بورصة الدار البيضاء أول سوق للمشتقات المالية في القارة الإفريقية منذ أكثر من ثلاثين سنة، معلنة بذلك عن مرحلة جديدة في مسار تحديث السوق المالي المغربي. ويراهن القائمون على هذه المبادرة على جذب مستثمرين جدد وتعزيز سيولة السوق من خلال منتج جديد قائم على مؤشر مازي 20.
وفي حوار مع مجلة “جون أفريك” الفرنسية، أوضح طارق صنهاجي، المدير العام لبورصة الدار البيضاء، أن هذا التطور ليس هدفا في حد ذاته، بل أداة لخدمة الاقتصاد الوطني ضمن رؤية تنموية متكاملة. وأضاف أن إدماج المشتقات المالية يهدف إلى منح المستثمرين المحليين والدوليين أدوات إضافية لتدبير المخاطر وتنويع المحافظ الاستثمارية وفق المعايير الدولية.
دينامية جديدة بعد إدراج شركات بارزة في البورصة
صنهاجي، الذي تولى إدارة البورصة خلال فترة جائحة كوفيد، اعتبر أن السوق يعيش اليوم دينامية جديدة، خاصة بعد إدراج شركات بارزة مثل “أكديطال” و”CFG بنك” و”CMGP”، مشيرا إلى أن الإقبال الكبير على هذه العمليات يعكس ثقة المستثمرين وقوة المقاولات المغربية. ولفت إلى أن “أكديطال” سجلت طلبا فاق العرض بـ29 مرة، و”CFG بنك” بـ35 مرة.
تشجيع المقاولات على ولوج السوق المالي
أشار المدير العام إلى أن الرهان اليوم لا يتمثل في جذب المستثمرين فحسب، بل في تشجيع المقاولات المغربية على الولوج إلى السوق المالي، مؤكداً أن بورصة الدار البيضاء أطلقت حملات ترويجية داخل وخارج المملكة لهذا الغرض.
وفي ما يخص إعادة هيكلة البورصة وتحولها إلى شركة قابضة، أورد صنهاجي أن هذا النموذج المعتمد في أكبر البورصات العالمية يضمن مرونة أكبر وتنسيقاً أفضل بين مختلف مكونات السوق: السوق النقدي، التقليدي، المشتقات وغرفة المقاصة.
إدراج الشركات العمومية لا يعني الخصخصة
شدد الصنهاجي على أن إدراج شركات عمومية، مثل “مرسى ماروك”، لا يعني بالضرورة خصخصتها، بل يهدف إلى تحسين الحوكمة وجلب تقييمات موضوعية، مع الحفاظ على أغلبية الدولة.
وفي ما يتعلق بدعم قطاع التكنولوجيا، أكد المسؤول أن البورصة لعبت دورا أساسيا في نمو شركات مثل HPS، لكنها لا تستطيع بمفردها تمويل المقاولات الناشئة، مما استدعى العمل على تعزيز الصلة بين البورصة والرأسمال الاستثماري، وهو ما بدأ يعطي ثماره.
وقال الصنهاجي أن المنافسة بين البورصات الإفريقية ليست شرسة، بل تميل إلى منطق التعاون الإقليمي.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن البورصة يمكن أن تساهم في تحقيق السيادة الاقتصادية الإفريقية، شريطة توجيه الموارد نحو مشاريع ذات أثر طويل المدى، بشكل يطابق الحاجيات التنموية الفعلية للقارة.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الحوار أنجز انطلاقا من مقابلة سابقة نشرت في 7 دجنبر 2024 على موقع مجلة “جون أفريك”، وتم تحيين مضامينه تزامنا مع الإطلاق المرتقب لأسواق المشتقات المالية في بورصة الدار البيضاء، بما يعكس التحولات المتسارعة التي يشهدها القطاع المالي في المملكة.