إعداد- زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة الثامنة عشرة
يعد سعيد عويطة أحد أعظم العدائين في تاريخ ألعاب القوى، وأيقونة رياضية مغربية تركت بصمة خالدة على الساحة العالمية، ولد في 2 نونبر 1959 بمدينة القنيطرة، وبدأ مشواره الرياضي في كرة القدم مع نادي المغرب الفاسي، قبل أن يوجهه القدر نحو مضمار ألعاب القوى، حيث سطر اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة العالمية.
كانت بداية عويطة في عالم ألعاب القوى متواضعة، حيث احتل المركز 34 في بطولة العالم لاختراق الضاحية عام 1978 لكن هذه التجربة عززت من عزيمته، فحقق بعد عام واحد فقط رقما قياسيا عالميا في سباق 1500 متر على المستوى الجامعي، ليؤكد أنه مشروع بطل قادم بقوة.
انتقل عويطة إلى فرنسا بمنحة دراسية من وزارة الشباب والرياضة، وهناك بدأ في صقل موهبته تحت إشراف مدربين متمرسين، سرعان ما أثبت جدارته في السباقات الأوروبية، وسجل أول إنجاز عالمي له عندما حقق أفضل زمن في سباق 1500 متر خلال ملتقى إيطاليا.
بدأت مسيرة المجد الحقيقي لعويطة في بطولة العالم لألعاب القوى عام 1983 بهلسنكي، حيث حصد الميدالية البرونزية في سباق 1500 متر، مما أكسبه تقديرا واسعا في الأوساط الرياضية المغربية والعالمية، لكن ذروة إنجازاته جاءت عام 1984، حين أهدى المغرب أول ميدالية ذهبية أولمبية في تاريخه بفوزه بسباق 5000 متر في أولمبياد لوس أنجلوس، ليصبح بطلا قوميا ويُحظى باستقبال ملكي من الراحل الحسن الثاني.
لم يتوقف عويطة عند هذا الحد، فقد كرس السنوات التالية لتحطيم الأرقام القياسية، مسجلا أرقاما عالمية في سباقات 1500 متر (3:29.46 دقيقة عام 1985)، و2000 متر (4:50.81 دقيقة عام 1987)، و3000 متر (7:29.45 دقيقة عام 1989)، و5000 متر (13:00.40 دقيقة عام 1985، ثم 12:58.39 دقيقة عام 1987).
رغم نجاحاته الباهرة، لم يكن طريق عويطة مفروشا بالورود، فقد تعرض لإصابات أثرت على مسيرته، في أولمبياد سيول 1988، قرر خوض تحد جديد في سباق 800 متر، ليحصد ميدالية برونزية بعد صراع شرس، ومع تقدمه في السن، بدأ يواجه منافسين شبابا مثل الجزائري نور الدين مرسلي، الذي فرض سيطرته على سباقات 1500 متر في بداية التسعينيات، مما دفع عويطة لإنهاء مسيرته الرياضية رسميا عام 1991.
بعد اعتزاله، استمر عويطة في خدمة الرياضة المغربية كمدرب ومحلل رياضي، مساهما في تطوير الجيل الجديد من العدائين، وبفضل إنجازاته، أصبح رمزا للرياضي الطموح، الذي تجاوز التحديات ليكتب اسمه في سجل العظماء.