الرباط-عماد المجدوبي
يواجه الطلبة المغاربة الذين يتابعون الدراسة في الولايات المتحدة مستقبلًا غامضًا، حيث تتصاعد المخاوف بشأن إلغاء التأشيرات وإنهاء الوضع القانوني للطلاب الأجانب دون سابق إنذار أو ارتكاب أي مخالفات تستدعي الترحيل.
وكشف تحليل أجرته وكالة أسوشيتد برس عن إلغاء تأشيرات ما لا يقل عن 600 طالب من أكثر من 90 جامعة وكلية أمريكية أو إنهاء وضعهم القانوني في الأسابيع الأخيرة. وتشير التقديرات إلى أن مئات الطلاب الآخرين قد يكونون عرضة لهذا الإجراء المفاجئ.
ويأتي هذا التطور في ظل إدارة ترامب التي تسعى إلى تشديد الخناق على الأجانب القادمين للدراسة في الولايات المتحدة. وبينما تشير التقارير إلى أن الطلاب من الهند والصين هم الأكثر تضررًا، فإن هذه السياسات تلقي بظلالها على جميع الطلاب الدوليين، بمن فيهم المغاربة الذين يسعون إلى إكمال تعليمهم العالي في أمريكا.
وفي هذا السياق، صرحت فانتا أو، المديرة التنفيذية لـ NAFSA، وهي جمعية المعلمين الدوليين، بأن نظام تتبع تسجيل الطلاب الدوليين وسفرهم أصبح تحت رقابة مشددة من قبل هيئة الهجرة والجمارك منذ أحداث 11 شتنبر. وأضافت أن “عددًا قليلًا من الحالات يمكن أن يثير مخاوف واسعة النطاق.” ولم تتضح بعد الأسباب الحقيقية وراء هذه الإجراءات أو مدى انتشارها، إلا أن جمعيتها تقدر أن ما يصل إلى 1300 طالب قد فقدوا بالفعل تأشيراتهم أو أُلغيت إقاماتهم.
وقد دفعت هذه التطورات بعض المؤسسات التعليمية إلى مطالبة طلابها بمغادرة البلاد لتجنب خطر الاعتقال أو الترحيل. في المقابل، لجأ بعض الطلاب المتضررين إلى القضاء، حيث رفعوا دعاوى قضائية ضد مسؤولين في إدارة ترامب بعد إلغاء وضعهم كطلاب بدوام كامل دون تقديم مبررات واضحة.
وأوضح راميس ودود، المحامي في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية والممثل لأربعة طلاب متضررين، أن السبب المقدم لإلغاء وضعهم كان “التحقق من السجل الجنائي و/أو إلغاء التأشيرة”، مؤكدًا أنه لم يتم توجيه أي اتهام أو إدانة لأي من هؤلاء الطلاب. وأضاف أن بعضهم كان لديه مخالفات مرورية بسيطة، بينما لم يكن لدى أحدهم أي مخالفات على الإطلاق.
وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 500 ألف شخص يواصلون تعليمهم العالي في الولايات المتحدة، من بينهم 342 ألف طالب جامعي. ويشكل الطلاب المغاربة جزءًا من هذه المجموعة الكبيرة التي تواجه الآن نفس المصير المجهول.
بالإضافة إلى الطلاب الحاليين، يواجه الأجانب الذين مكثوا في الولايات المتحدة بعد التخرج ضمن برنامج “التدريب العملي الاختياري” (OPT) خطرًا مماثلًا. ويتيح هذا البرنامج للخريجين العمل في الولايات المتحدة لمدة عام واحد، أو حتى ثلاث سنوات لخريجي العلوم والتكنولوجيا، بعد حصولهم على شهاداتهم الجامعية. ويقدر عدد هؤلاء الخريجين بحوالي 242 ألف شخص، والذين يعملون في مجالات تخصصهم بانتظار الحصول على تأشيرات عمل دائمة.
تأتي هذه التطورات لتزيد من حالة عدم اليقين والقلق بين الطلاب المغاربة الذين يطمحون إلى الحصول على تعليم متميز في الولايات المتحدة، وكذلك الخريجين الذين يسعون إلى بناء مستقبل مهني هناك. ويبقى السؤال مطروحًا حول حجم التأثير الذي ستحدثه هذه السياسات الجديدة على مستقبل التبادل التعليمي والثقافي بين المغرب والولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، صرح كريستوفر جالديري، أستاذ العلوم السياسية في كلية سانت أنسيلم، لصحيفة ”تلغراف”، بأن “المشكلة مع الطلاب الأجانب هي أنهم يدفعون الرسوم كاملة”. وأضاف: “هؤلاء الأشخاص يشكلون عاملًا هائلًا في ميزانيات جميع الجامعات البحثية في البلاد.”
وتواجه جامعة هارفارد وضعًا خاصًا، حيث تم تجميد تمويلها الفيدرالي البالغ ملياري دولار، وتواجه تهديدات بفقدان وضعها الخيري، بعد رفضها الامتثال لطلب الإدارة بتسليم قائمة بأسماء الطلاب الأجانب.
وفي الأسبوع الماضي، طالبت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم جامعة هارفارد بتقديم معلومات عن “الأنشطة غير القانونية والعنيفة” التي يمارسها طلابها الأجانب، مهددة بوقف التأشيرات للطلاب الأجانب إذا لم يتم الامتثال.
وقد حذرت جامعات أخرى، مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، من عواقب إبعاد الطلاب الأجانب، حيث قالت رئيسته سالي كورنبلوث إن ذلك سيكلف الكلية المواهب العالمية.
كما أعادت وكالة موديز للتصنيف الائتماني كتابة توقعاتها للكليات لعام 2025، حيث غيرت توقعاتها من مستقرة إلى سلبية، مشيرة إلى أن إمكانية خفض أو إلغاء التأشيرات للطلاب الدوليين ستفرض صعوبات على الجامعات التي تعتمد على هؤلاء الطلاب.
وتشير هذه التطورات إلى أن حملة إدارة ترامب على الطلاب الأجانب قد تؤدي إلى أزمة مالية كبيرة في الجامعات الأمريكية، مما سيؤثر على جودة التعليم والبحث العلمي في البلاد.