24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
في وقت تبدو فيه الجزائر محاصرة دبلوماسيا، اختارت أن تقف في صف إيران، الدولة الأكثر عزلة في الشرق الأوسط حاليا، في لحظة مفصلية من التصعيد الإقليمي. وتتعامل معظم العواصم العربية بحذر أو صمت حيال الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، في حين جاءت الجزائر بموقف صريح وحاد، قد لا يعيد تشكيل الخارطة السياسية، لكنه بالتأكيد يعيد الجزائر إلى سطح الأحداث، ولو إعلاميا.
في هذا السياق، نشرت مجلة” لوبون” الفرنسية تحقيقا موسعا بعنوان: “حينما تطلب الجزائر النجدة من إيران”، سلطت فيه الضوء على الديناميكية الخفية بين البلدين، وكيف تسعى الجزائر الى لعب دور الحليف حين يندر الحلفاء، والداعم حين يتراجع الداعمون.
تقارب متجدد وعزلة متبادلة
في 8 ابريل الماضي، وقبل نحو شهرين من تفجر النزاع المباشر بين إسرائيل و إيران، استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في قصر المرادية، حاملا دعوة رسمية من القيادة الايرانية لزيارة طهران.
ورغم أن الحرب أجهضت تلك الزيارة قبل أن تتم، فإنها كانت مؤشرا واضحا على أن خط الجزائر–طهران لم ينقطع، بل عاد ليتقوى في لحظة عزلة مزدوجة.
وفي 13 يونيو، أعلنت الجزائر، عبر بيان لوزارة خارجيتها، إدانتها الصريحة لـ “العدوان الاسرائيلي” ضد إيران، مشيرة الى ان هذا الهجوم “ما كان ليحدث لولا الافلات من العقاب الذي يتمتع به المعتدي”.
هل هو سعي لدور ام تعبير عن عزلة؟
لكن خلف هذا الدعم، يلوح مشهد أعقد فالجزائر نفسها تعاني من شبه قطيعة دبلوماسية مع عواصم أوروبية كبرى، وعلاقاتها المغاربية متوترة، وتراجع وزنها في الساحة الافريقية، وتقلص تأثيرها في الملف الليبي. وترى مع ذلك، في الوقوف إلى جانب إيران ورقة رمزية تعوض غيابها عن دوائر القرار الدولية.
أشار التحقيق الذي نشرته المجلة الفرنسية، الى أن هذا التموضع ليس عابرا، بل يعكس تقاربا إديولوجيا وسياسيا بين البلدين منذ عقود، بدءا من وساطة الجزائر في ازمة الرهائن الامريكيين بطهران عام 1981، وصولا الى التنسيق في قضايا مثل رفض التطبيع مع اسرائيل والدفاع عن السيادة الوطنية.
وتساءلت المجلة، حول ما اذا كانت هذه الخطوة جزء من استراتيجية استعادة للدور، ام مجرد تعبير عن عزلة مزدوجة تحاول الجزائر تحويلها الى ورقة تفاوض معنوية؟ في كلتا الحالتين، تظهر الجزائر انها – رغم هشاشتها الجيوسياسية – قادرة على اختيار موقعها، ولو على هامش الخرائط الكبرى.