24 ساعة ـ عبد الرخيم زياد
في خطوة أثارت اهتمام وسائل الإعلام العربية والدولية، عيّن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رجل الأعمال الأمريكي من أصول لبنانية. مسعد بولس، مستشارًا رفيعًا للشؤون العربية والشرق أوسطية في ديسمبر 2024. وفي تصريح حديث له اليوم، 18 أبريل 2025، أعلن بولس عن زيارة مرتقبة إلى المغرب والجزائر بهدف تقريب وجهات النظر بين البلدين لحل قضية الصحراء المغربية، وهي واحدة من أبرز القضايا السياسية في شمال إفريقيا. يسلط هذا المقال الضوء على شخصية مسعد بولس، دوره الجديد، وأهمية زيارته للمنطقة.
من هو مسعد بولس؟
مسعد بولس، من مواليد عام 1971، هو محامٍ ورجل أعمال أمريكي لبناني ينحدر من عائلة مسيحية مارونية في شمال لبنان. نشأ بولس في لبنان قبل أن ينتقل إلى تكساس بالولايات المتحدة خلال سنوات مراهقته، حيث درس القانون في جامعة هيوستن. لاحقًا، تولى منصب المدير التنفيذي لشركة SCOA Nigeria، وهي شركة تعمل في توزيع المركبات والمعدات في غرب إفريقيا. تقدر ثروته بحوالي 10 مليارات دولار، مما يجعله واحدًا من أبرز رجال الأعمال في مجاله.
ارتبط بولس بعائلة ترامب عبر زواج ابنه مايكل من تيفاني ترامب، ابنة الرئيس المنتخب، في نوفمبر 2022 بمنتجع مارا لاغو بفلوريدا. هذا الارتباط العائلي، إلى جانب دوره البارز في حملة ترامب الانتخابية لعام 2024، ساهم في اختياره لمنصب المستشار الرفيع. خلال الحملة، قاد بولس جهودًا لكسب دعم الجالية العربية الأمريكية، خاصة في ولاية ميشيغان، حيث التقى بنشطاء عرب أمريكيين لتعزيز القيم المحافظة والجمهورية.
وصف ترامب بولس في إعلان تعيينه بأنه “محامٍ بارع وقائد أعمال يحظى باحترام كبير، وله خبرة واسعة على الساحة الدولية”. كما أشار إلى دوره في بناء تحالفات مع الجالية العربية الأمريكية، مؤكدًا أن بولس “صانع صفقات ومؤيد ثابت للسلام في الشرق الأوسط”.
تعيينه مستشارًا للشؤون العربية والشرق أوسطية
في 1 ديسمبر 2024، أعلن ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” تعيين بولس مستشارًا رفيعًا للشؤون العربية والشرق أوسطية، وهو منصب يُغطي أيضًا القضايا الأفريقية في بعض السياقات. الإعلان أثار جدلاً بسبب العلاقة العائلية بين بولس وترامب، حيث تجنب ترامب ذكر هذا الارتباط في بيانه الرسمي، مركزًا على خبرة بولس ودوره في تعزيز السلام. ومع ذلك، انتقد بعض المحللين، مثل آرون ديفيد ميلر، هذا التعيين، مشيرين إلى أن إسناد مهام متداخلة لأربعة أشخاص (بولس، هكابي، ويتكوف، وروبيو) قد يؤدي إلى “فوضى” في السياسة الخارجية.
رغم ذلك، يرى آخرون أن اختيار بولس قد يكون استراتيجيًا، نظرًا لخلفيته العربية وعلاقاته التجارية الواسعة، مما يمكّنه من بناء جسور مع القادة العرب والأفارقة. كما أن دوره في التواصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال الحملة الانتخابية يشير إلى قدرته على لعب دور وسيط في القضايا الحساسة.
زيارة المغرب والجزائر: السعي لحل قضية الصحراء
في تصريح له اليوم، أكد مسعد بولس لقناة “العربية” أن الإدارة الأمريكية، تحت قيادة ترامب، ملتزمة بحل قضية الصحراء المغربية من خلال تقريب وجهات النظر بين المغرب والجزائر. وأشار إلى أن واشنطن تهتم بإيجاد “حل توافقي” ينهي معاناة حوالي 200 ألف لاجئ صحراوي في الجزائر، مؤكدًا أن موقف الولايات المتحدة الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، والذي أُعلن في 2020، يظل ثابتًا.
تأتي هذه الزيارة في سياق دبلوماسي معقد، حيث تستمر التوترات بين المغرب والجزائر بشأن قضية الصحراء. المغرب يدافع عن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل للنزاع، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو وتطالب باستفتاء لتقرير المصير. بولس شدد على أن “الجزائر يجب أن تنخرط في المسلسل الجديد لحل القضية”، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب لن تسمح باستمرار هذه “المعاناة”.
تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة في ضوء الاعتراف الأمريكي السابق بمغربية الصحراء خلال ولاية ترامب الأولى، والذي شمل خططًا لفتح قنصلية أمريكية في الداخلة. كما أن تعيين ماركو روبيو، المعروف بمواقفه الداعمة للمغرب، وزيرًا للخارجية، قد يعزز هذا التوجه. ومع ذلك، يبقى التحدي في إقناع الجزائر بالانخراط في حوار بنّاء، خاصة في ظل موقفها الرافض للاعتراف الأمريكي.