24 ساعة – متابعة
وجد مهنيو قطاع تربية الأغنام، قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة، مفاجئا ولكنه في الوقت ذاته يحمل رؤية مستقبلية حكيمة. في ظل التحديات الاقتصادية والمناخية المتزايدة راهنيا.
وأعرب مربو الأغنام عن تقديرهم لهذا القرار الذي يهدف إلى تحقيق توازن واستقرار القطيع على المدى الطويل. مثمنين الرؤية الملكية، لصاحب الجلالة، في حماية القطيع الوطني وضمان استدامة القطاع الفلاحي.
حماية القطيع
وفي هذا السياق، قال جلال بلفقيه، وهو “كساب” وفلاح فاعل جمعوي وحقوقي ورئيس تعاونيات فلاحية بجماعة بئر الطالب سيدي قاسم. إن قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى هذا العام يمثل رؤية مستقبلية حكيمة تهدف إلى حماية القطيع الوطني وضمان استقراره. خاصة في ظل تداعيات الجفاف المستمر الذي أثر بشكل كبير على تربية المواشي.
ومع ذلك، أشار بلفقيه، في تصريحه لجريدة “24 ساعة”، إلى أن مربي الأغنام يواجهون تحديات كبيرة نتيجة هذا القرار.
حيث سيحتفظون بقطعانهم دون تصريفها في الأسواق كما كان متوقعا خلال عيد الأضحى، في وقت تشهد فيه أسعار الأعلاف ارتفاعا كبيرا. مما يزيد من الأعباء المالية عليهم.
ولفت إلى أن أسعار الماشية شهدت تراجعا حادا بعد الإعلان عن القرار. حيث انخفضت أثمنة النعاج بنسبة تتراوح بين 40 و50%. كما انخفض سعر الخروف بما بين 1200 و1500 درهم حسب حجم الخروف.
دعم مباشر للمربين
ودعا بلفقيه، في تصريحه، وزارة الفلاحة إلى التدخل العاجل من خلال تقديم دعم مباشر للمربين، حتى يتمكنوا من مواصلة العناية بقطعانهم وضمان استدامة القطيع الوطني، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية الراهنة.
وأوضح بلفقيه، أن النقص الحاصل في أعداد القطيع أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأغنام واللحوم الحمراء. مشيرا إلى أن إقامة عيد الأضحى في هذه الظروف كان سيؤدي إلى تفاقم الوضع، مما سيخلق نقصا أكبر في القطيع خلال السنوات المقبلة.
وأضاف، “يجب أن ننظر إلى ما بعد عيد الأضحى، لأن الأمر لا يتعلق فقط بالاحتفال، بل بتأثيراته المستقبلية على استدامة القطاع الفلاحي”.
وفي هذا السياق، أشاد بلفقيه بـالرؤية الملكية، التي تأخذ بعين الاعتبار مصلحة القطاع الفلاحي والمستهلك المغربي على حد سواء. معتبرا أن القرار يخدم المصلحة الوطنية على المدى البعيد.
تأثيرات الجفاف
ومن جانبه، قال عبدالحق بوتشيشي مستشار فلاحي معتمد من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري، في تصريحه لجريدة “24 ساعة”. إن قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى هذا العام يعد قرارا حكيما، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية وتأثيرات الجفاف. فضلا عن الارتفاع المتواصل في أسعار اللحوم الحمراء.
وأشار بوتشيشي إلى أن الحكومة اتخذت تدابير عديدة في السنوات الأخيرة لضبط سوق اللحوم. بما في ذلك تقديم الدعم المالي، تسهيل الاستيراد، وإلغاء الرسوم الجمركية، إلا أن الأسعار ظلت في ارتفاع مستمر، مما جعل من الصعب على العديد من الأسر المغربية اقتناء الأضاحي.
وتساءل قائلا ” لو أننا أقدمنا على عيد الأضحى هذه السنة، فكيف ستكون أسعار الأضاحي العام المقبل. وكيف ستتأثر أسعار اللحوم الحمراء بعد العيد؟” مشيرا إلى أن ثمن الكيلوغرام من اللحوم الحمراء يتراوح حاليا بين 130 و150 درهما. ومن المحتمل أن يشهد ارتفاعا إضافيا بعد العيد، وهو ما يستدعي التفكير بعقلانية في مستقبل القطاع.
وأوضح المتحدث أن صغار مربي الماشية هم الأكثر تضررا، حيث اختفى العديد منهم من السوق بسبب الظروف المناخية القاسية، الجفاف، وغياب الموارد الكافية لاستمرارهم في المهنة.
وأشار إلى أن العديد من الكسابة اضطروا إلى بيع قطيعهم للاستفادة من برامج الدعم، مما أدى إلى تقلص أعداد الماشية وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.
استراتيجية إعادة بناء القطيع
وأكد بوتشيشي أن الدولة تعيد التفكير في استراتيجية إعادة بناء القطيع الوطني. حيث سيتم توزيع رؤوس الأغنام على صغار الكسابة الذين فقدوا قطعانهم، وذلك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي خطوة تهدف إلى تحقيق التوازن في السوق وخفض أسعار اللحوم الحمراء. سواء الأغنام أو الأبقار، بشكل تدريجي.
وفي ختام تصريحه، شدد بوتشيشي على أن القرار، رغم كونه قد يضر ببعض الفئات. إلا أنه في المقابل يخدم مصلحة المستهلكين على المدى الطويل، حيث سيساهم في استقرار أسعار اللحوم وإعادة بناء المنظومة الفلاحية بشكل أكثر توازنا.