24 ساعة-متابعة
احتضنت مدينة الرباط يومي 19 و20 يونيو 2025 ندوة دولية كبرى حول موضوع “مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود”، بتنظيم مشترك بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل الفرنسية.
وقد عرفت هذه الندوة حضور شخصيات قضائية ودبلوماسية مرموقة وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، إلى جانب خبراء وممارسين من مختلف الدول، كما شكلت الجلسة الافتتاحية مناسبة لرئيس النيابة العامة، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، لإلقاء كلمة وازنة سلط فيها الضوء على التحديات الراهنة التي تفرضها الجريمة المنظمة على المستويين الوطني والدولي، وأهمية التعاون الدولي لمواجهتها.
في كلمته، أبرز رئيس النيابة العامة أن الجريمة المنظمة العابرة للحدود أصبحت تمثل تهديدا متزايدا لأمن الأفراد والمجتمعات، بالنظر إلى طابعها المعقد والمنظم الذي يتجاوز الحدود الجغرافية للدول.
وأشار إلى أن العصابات الإجرامية باتت تستغل الطفرة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي لتطوير أساليبها، مستفيدة من ضعف إنفاذ القانون في بعض المناطق وبؤر التوتر، ما يتيح لها توسيع أنشطتها في الاتجار بالبشر والمخدرات وغسل الأموال والجرائم المالية.
وفي هذا السياق، استشهد هشام بلاوي رئيس النيابة العامة بتقارير دولية تؤكد أن 83% من سكان العالم يعيشون في دول تعاني من مستويات مرتفعة من الجريمة المنظمة، مع خسائر سنوية تقدر بنحو 290 مليار دولار، وهو ما يعكس حجم التحدي الذي يواجهه المجتمع الدولي.
وتوقف البلاوي عند الدور الريادي الذي تلعبه رئاسة النيابة العامة في المغرب في التصدي لمختلف صور الجريمة المنظمة، موضحا أن النيابة العامة جعلت من مكافحة هذه الظاهرة أولوية قصوى ضمن استراتيجيتها، من خلال إصدار دوريات خاصة لقضاة النيابة العامة وتعزيز التعاون القضائي الدولي.
وأشار رئيس النيابة العامة إلى أن المغرب تلقى خلال سنة 2024 ما مجموعه 320 إنابة قضائية دولية من 35 دولة، بزيادة 23% عن سنة 2023، حيث شملت إجراءات مالية وحجوزات وغيرها.
كما أصدرت السلطات القضائية المغربية 90 طلب تسليم لنظرائها الأجانب، في إطار التعاون القضائي الدولي المتواصل. وشدد البلاوي على أن رئاسة النيابة العامة جعلت من مكافحة الجريمة المنظمة أولوية، من خلال إصدار دوريات خاصة لقضاة النيابة العامة وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، مع التأكيد على ضرورة تحديث التشريعات وتطوير قدرات أجهزة إنفاذ القانون وتبادل الخبرات بين الدول.
كما أكد رئيس النيابة العامة على أهمية تحديث التشريعات الوطنية وتطوير آليات البحث والتحري الجنائي، داعيا إلى تعزيز التكوين المستمر لأجهزة إنفاذ القانون وتبادل التجارب والخبرات بين الدول.
كما اعتبر أن التعاون الدولي وتنسيق الجهود بين المؤسسات القضائية يشكلان حجر الزاوية في مواجهة التحديات التي تطرحها الجريمة المنظمة العابرة للحدود، مشيرا إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (اتفاقية باليرمو) وبروتوكولاتها الثلاثة تضع الإطار القانوني الأمثل لمواجهة هذه الظاهرة.
وفي ختام كلمته، جدد هشام البلاوي شكره للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ولكل الجهات المنظمة والمشاركة في هذه الندوة، معبراً عن استعداد رئاسة النيابة العامة الدائم للانخراط في كل المبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون والتنسيق الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة، ومؤكداً أن نتائج وتوصيات هذا اللقاء ستشكل دفعة قوية لدعم جهود المجتمع الدولي في هذا المجال الحيوي.