الرباط-عماد المجدوبي
صادق مجلس النواب، يوم الثلاثاء 20 ماي 2025، بالأغلبية، في إطار القراءة الثانية، على مشروع القانون رقم 46.21 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين.
وقد أثار القانون جدلا واسعا داخل أوساط هذه الفئة المهنية، خاصة في ما يتعلق باستقلاليتها وعلاقتها بالسلطة التنفيذية.
وفي هذا السياق، عبر محمود أبو الحقوق، رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب، في تصريحه لـ “24 ساعة”، عن رفضه لبعض مضامين هذا النص التشريعي، معتبرا أن القانون في صيغته الجديدة “يضرب في العمق مبدأ استقلالية الهيئة”، ويكرس ما وصفه بـ”الوصاية المقنعة”، التي تتعارض حسب قوله مع روح الدستور المغربي، خاصة في جانبه المرتبط بحرية واستقلالية الهيئات المهنية.
وسجل أبو الحقوق، بشكل خاص، اعتراضه على المادة 143 من القانون، التي تلزم الهيئة الوطنية بإبلاغ جميع قراراتها إلى وزارة العدل والنيابة العامة بالرباط، كما تمنح هاتين الجهتين صلاحية الطعن في تلك القرارات.
واعتبر أن هذا الإجراء تمثل “خرقا صريحا” لاستقلالية الهيئة، وتفتح الباب أمام تدخلات مباشرة من مؤسسات السلطة في قراراتها الداخلية.
وأضاف المتحدث ذاته أن الهيئة ستتجه إلى سلك مسطرة الطعن الدستوري ضد القانون، رغم أنها لا تتوفر على الصفة القانونية المباشرة لذلك، مبرزا أنه سيتم التنسيق مع جهات تملك حق الإحالة على المحكمة الدستورية من أجل مباشرة هذه الخطوة.
وأشار أبو الحقوق إلى أن الهيئة تعول على النصوص التنظيمية المنتظر صدورها لاحقا، لتدارك بعض ما وصفه بـ”الاختلالات” التي تضمنها النص القانوني المصادق عليه، معربا عن أمله في أن تؤخذ هذه الملاحظات بعين الاعتبار خلال مراحل تنزيل القانون.
وعلى الرغم من تحفظه على عدد من البنود، أقر رئيس الهيئة بوجود بعض المكتسبات، وعلى رأسها توسيع المجالين المكاني والنوعي لاختصاص المفوضين القضائيين، إلى جانب تلبية بعض المطالب الجزئية التي ظلت مطروحة منذ سنوات، إلا أنه شدد في المقابل على أن “المطالب الأساسية تم تجاهلها بالكامل”.
وعدد أبو الحقوق هذه المطالب، واصفا إياها بـ”الجوهرية”، في كل من مبدأ الاستقرار المهني، وضمان الاستقلالية، وتوفير آليات تأديب نزيهة، فضلا عن تعزيز الحماية القانونية للمفوضين خلال مزاولة مهامهم.
ولفت إلى أن الإطار القانوني الحالي لا يوفر حماية كافية، مشيرا إلى أن المفوض القضائي لا يزال مضطرا إلى الاستناد على مقتضيات فضفاضة من القانون الجنائي، يصعب معها إثبات حالات الاعتداء أو الإهانة التي يتعرض لها خلال أداء مهامه اليومية.
يذكر أن مشروع القانون حظي بتأييد 61 نائبا ومعارضة 19 نائبا، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت.
ويهدف القانون، حسب وزارة العدل، إلى تطوير مهنة المفوض القضائي، من خلال توسيع اختصاصاتها، وتحديث شروط الولوج إليها، وإتاحة الفرصة للكتاب المحلفين للالتحاق بها، في إطار السعي إلى تعزيز نجاعة العدالة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.