سناء الجدني -الرباط
لا تفارق عبارة “مبروك عواشرك” ألسنة المارة هنا بشوارع الرباط، كما تشهد جل الأحياء والمتاجرة حالة استنفار قصوى استعدادا لأجواء الصيام، إضافة إلى تهافت الناس على الأسواق خاصة الشعبية منها، والتي تعبق بروائح لا تخطئها الأنوف.
إنه زمن ازدهار تجارة التوابل التي تصنع ملذة جل الأكلات الشهيرة مثل “الحريرة” و”البريوات” و”البطبوط” التي تتسيد المائدة في شهر الصوم. كما تفتتح محلات موسمية تعرض الحلويات الخاصة برمضان.
ورغم أن غلاء أسعار المواد الغذائية فرضت على المواطنين الإقتصاد في إقتناء بعض اللوازم التي تزين مائدة الإفطار خلال الشهر الفضيل فإنهم يحرصون على عيش أيامه وفق الطقوس والعادات التي توارثوها جيلاً عن جيل، وفي أجواء عائلية يملؤها المرح والترفيه والتعبد، كما هو الحال هنا بالعاصمة الرباط.
الزي التقليدي
وتشهد محلات خياطة وبيع الزي التقليدي بالمدينة القديمة الرباط إقبالا غير مسبوق، كما يجتهد أصحابها في تنويع عروضهم من الجلباب والقفطان والجابادور وغيره، التي تعتبر من تفاصيل رمضان التي تتمسك بها ساكنة الرباط، فيحرصون رجالاً ونساء وأطفالاً على ارتدائه خلال الزيارات العائلية والتسوق، وعند أداء الصلوات في المسجد وأيضاً في العمل.
ويقول مصطفى. ل، صاحب محل للملابس التقليدية النسائية، إن المغربيات بصفة عامة يفضلن ارتداء الجلباب في رمضان، لذلك يشترين واحداً بسيطاً للنهارات وآخر مرصعاً للزيارات والمناسبات ودعوات الإفطار.
ويضيف في حديث لجريدة “24 ساعة” أن الجلباب يتميز بالتنوع على مستوى التصاميم والأثواب والتطريز والترصيع، لافتاً إلى أن السوق لا يفرض على المرأة ما تلبسه، بل يوفر اختيارات واسعة ويعرض ما يناسب جميع الأعمار والأذواق.
ومع إستمرار في جولة بسوق المدينة العتيقة بالرباط يلاحظ وفرة وتنوع في المعروض من مختلف المواد الأساسية الإستهلاكية وإختلاف في الأسعار تزامنا مع إقتراب أيام شهر رمضان المبارك.
التمور والأسماك
كما تعرف بعد المواد الغدائية إقبالا كبيرا من لدن ساكنة الرباط خلال شهر رمضان، من قبيل التمور والأسماك واللحوم والخضر والحلويات التي تؤثت مائدة الإفطار.
وأكد بوشعيب وهو أحد الباعة، بالعاصمة ، لجريدة “24 ساعة ” أن الإقبال تحسن نسبيا مقارنة مع الأشهر الفارطة مع حلول هذا الشهر الفضيل، وتابعوا قائلين « نتمنى أن يرتفع الإقبال، وأن تعود الحركة التجارية إلى سابق عهدها، لأننا تضررنا بشكل كبير طوال فترة الجائحة ».
من جهته أكد عبد العالي، صاحب محل جزارة “علي”، رغم إرتفاع أسعار اللحوم فإن الحركة التجارية بالسوق بدأت تتحسن مع إقتراب شهر رمضان، مشيرا إلى أن محله يقدم أنواع عديدة من اللحوم الحمراء والبيضاء ومشتقاتها ككبد وطحال ونقانق.
موائد الإفطار
من جهة أخرى وما يلفت الانتباه في السلوك الاقتصادي للمواطن المغربي هنا بالمدينة في هذا الشهر، أن الإنفاق الزائد لا يقتصر على طبقة بعينها، ذلك لأن الشرائح الضعيفة والميسورة تبذل وسعها لتجهيز موائد الإفطار والعشاء والسحور، وتكون نتيجة هذا التهافت على شراء المواد الغذائية ندرة بعض هذه المواد وارتفاع الأسعار،
ولا يمكن اختزال الأجواء الرمضانية، والتي تعكس تمسك ساكنة الرباط كما هو الحال عند جميع الأسر المغربية بالتقاليد الأصيلة، في الجانب المتعلق بالإقبال على الأثواب التقليدية أو تنظيف المنازل، وتهنئة مباركة الأقارب والأصحاب والتبضع، على الرغم من أن الأسرة توليه اهتماما كبيرا.
ففي بلد يعرف بثقل موروثه الحضاري وتنوع روافده الثقافية، فإن رمضان هنا بالمملكة تدفع إلى السطح بظواهر وطقوس خاصة تصل ماضي البلاد بحاضرها، كما لا تخلو من ممارسات دخيلة تجد مرجعها في تطور الأخلاقيات العامة.