أسامة بلفقير – الرباط
الضجة التي أثيرت بعد نشر السفيرة الفرنسية في الرباط لتغريدة تتحدث فيها عن تقديم رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي شكيب بنموسى لتقرير مرحلي حول عمل هذه اللجنة، يستحق الكثير من الوقوف للتأمل واستخلاص العبر بعد الجدل الكبير الذي رافق تغريدة “ممثلة فرنسا”.
بالعودة إلى هذه التغريدة، نجد أن السفيرة الفرنسية لم تتحل لا بأخلاق الدبلوماسية ولا بأعراف العلاقات التي تربط مسؤولي الدول فقد تعاملات مع رئيس اللجنة الذي سمته بـ”شكيب” وكأنه “ولد الدرب” وليس بمسؤول مغربي سام وأيضا بسفير المملكة في باريس، مع ما يحمله ذلك من رمزية على مستوى العلاقات بين البلدين.
لقد وجدنا أنفسنا أمام تغريدة شاردة لسيدة يفترض أن تفكر في ثقل كل كلمة قبل أن تطلق العنان ليدها لتخط ما يسكنها مخيالها الكبير. فكيف لرجل كان وزيرا في الداخلية ويفهم جيدا كيف تسير الأمور وفق أعراف الدولة، أن يجازف من تلقاء نفسه بتقديم تقرير عمله إلى جهة أجنبية.
المؤكد أن بنموسى لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يسقط في هذا الخطأ الذي لن يقترف حتى موظف حديث التوظيف.. فبنموسى يعرف جيدا أن التقرير سيقدم أولا، وفق الأعراف وحتى الدستور، إلى رئيس الدولة الملك محمد السادس الذي قام بتعيين اللجنة..ولذلك، فإن سفيرة فرنسا لم تتوصل لا بتقرير مرحلي ولا بتقرير نهائي لكنها زعمت غير ذلك “لغاية في نفس يعقوب”.
لكن هل السفيرة الفرنسية لوحدها من “زعمت” على مسؤولي المغرب؟ مراجعة “سوابق الفرنسيين” في هذا الشأن تقودنا إلى الضجة الكبيرة التي أثارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما نشر تغريدة متعجرفة متوهما الأوامر إلى السلطات المغربية. وقال ماكرون في تغريدته: “إلى مواطنينا العالقين في المغرب؛ يجري تنظيم رحلات جوية لنقلكم إلى فرنسا. أطلب من السلطات المغربية الحرص على القيام بما يلزم لتحقيق ذلك في أسرع وقت”.
ربما لا يستوعب بعض أحفاد المستعمرين القدامى أن حقبتهم تلك قد انتهت، وأن المغرب رغم كل التحديات والصعاب التي يواجهها قد رسم طريقه باستقالية كبيرة وبعيدا عن الضغوطات التي تمارسها أطراف عدة عبر “أياد خفية”.. فاليوم لم يعد مقبولا ولا ممكنا أن يحاول مثل هؤلاء المسؤولين أن يتوهموا “تحكما مصطنعا” في بلادنا، في ظل قيادة حكيمة للملك محمد السادس الذي وضع النقط على الحروف في أكثر من مناسبة، وخير مثال على ذلك هو اشتغال لجنة بنموسى لإخراج نموذج تنموي من قلب المجتمع المغربي ومن أجله.