ما يحلم به المواطن المغربي بسيط بعد 64 سنة من ثورة الملك والشعب… يحلم ألا يطلع عليه إلياس كل مرة ليذكره بطفولته مع خديجة والدجاج الذي كان يقتسم معه نفس البيت، ويحكي عن طول الكيلومترات التي قطعها من الجبل حافي القدمين إلى الرباط.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط، ألا يهدده الرميد بالاستقالة من وزارة يفترض فيها ضمان حقوق الانسان وهو الذي كلما سأله صحافي عن ملفات الوزارة “يخرج” عينيه ويصرح بلا حياء أنه “مافخبارو والو”.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط جدا،
ألا يسرب مجلس دستوري تقارير “حقوقية” مشبوهة تنم عن حقد رئيسها الدفين ضد الدولة من أيام صالونات النضال الحقوقي ليسيء لجهاز الشرطة مجانا ويعطي الفرصة لمنظمات دولية لابتزاز المملكة، وبعد ذلك يستقل رئيس المجلس “اليساري” أول طائرة للاستجمام والراحة بشقته الباريسية من أموال دافعي الضرائب.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط،
ألا يضطر إلى سماع الشيوعي بنعبد الله يتحدث عن التحكم ويختبئ وراء القصر ليبرر فشل وزراء حزبه على رأس كل الوزارات التي تولوا حقائبها.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط،
ألا ينتظر خطابا ثوريا للملك لكي يزحف الوزراء مشيا على الأقدام في الشوارع بحثا عن حل لأزمة عميقة. وألا يعين سياسيا “محنكا” ابنه مديرا لديوان وزير من نفس حزبه ليحارب البطالة بأجر سمين وهو الوزير المفترض فيه أن يبحث لأزيد من مليوني مغربي ومغربية عن فرصة شغل تقيهم فراغ العطالة.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط جدا،
ألا يضطر للاختيار بين الكتاب والوردة والجرار، بين الحصان البرتقالي والميزان والمصباح والحمامة، وهو يعرف جيدا أن لا أحد منهم سينصت لهمومه وانشغالاته ويستجيب لمطالبه بدون غضبة ملكية أو أوامر سامية تجبره على تنفيذ مشاريع تنموية وتتبع حسن سيرها.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط جدا… ألا يخرج عليه بنكيران “مقهقها” في كل جلسة برلمانية يتحدث عن التماسيخ والعفاريت، ويحكي عن نكتة “حامضة” حكاها لجلالة الملك ليضحكه وألا يتفنن الخلفي وزير الاتصال السابق في إذلال المغرب والمغاربة عندما يتحدث بلغة فرنسية ركيكة تبرز عمق مأساة التعليم المغربي.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط،
ألا يضطر للاستنجاد بالملك كل يوم كلما حرمه مسؤول من خدمة مجانية، ومن حقه في الماء الشروب، ومن وثيقة إدارية بسيطة.
حلم المغربي بسيط جدا… أن يعيش في مغرب الكرامة والحريات، ويصنع التغيير بالملك ومع الملك، بعيدا عن مزايدات سياسوية لقيادات حزبية بئيسة.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط، فالأب يحلم أن تعود ابنته من الشارع دون أن يأتيه خبر اعتراض سبيلها أو اغتصابها، يرسلها إلى الثانوية أو إلى الجامعة ويحمد الله كل مساء أنها عادت إلى المنزل بسلام، وحقيبة يدها في الدولاب، وهاتفها قرب سريرها، وهو لا ينفك بتوعيتها : “لا تقاومي لصا… اعطيه كل ما يطلب…لأنه تحت تأثير المخدرات…” وألا تعترض أية عصابة طريقه وهو يسوق سيارته التي لم يسدد بعد ثمنها الإجمالي للبنك…
يحلم المغربي بأن تمر سيارته بسلام فلا يتكسر زجاجها، وهو مستعد أن يتحمل كل “العهارة اللغوية” صامتا، لينجو بنفسه وسيارته من “المقرقبين” في زمن “السيبة”.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط، ألا يحتاج إلى الانتظار في طابور مؤسسات السلف في خجل ومهانة عند اقتراب كل مناسبة… وأن يجلس في قاعة الانتظار طويلا… طويلا… في انتظار مبلغ مالي يسد به “ثقبا” في حياته اليومية…
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط جدا… سنة بلا أعياد دينية، سنة بلا دخول مدرسي، شهر بلا مرض أسري، يوم بلا ضوضاء ولا ضجيج “فتوات الليل” الذين يفرضون جالة الطوارئ في الأحياء الشعبية، ويحظرون التجول ابتداء من غروب الشمس.
ما يحلم به المواطن المغربي بسيط، ألا يضطر إلى مغادرة الحي الاقتصادي الذي يسكنه بحثا عن سكن في البادية هربا من العربدة المستمرة وشبح الموت اليومي.
ما يحلم به المغاربة كل يوم، كل لحظة، قليل من المال لقضاء عطلة صيفية في خيمة متواضعة في فضاء ولي صالح، ولا ضرر أن يقضي حاجته في الهواء الطلق.
يحتاج المغربي إلى قليل من الاحترام والتقدير وهو أمام موظف عمومي يطلب وثيقة إدارية أو خدمة، وألا يعود ابنه كل يوم قبل الأوان من مدرسة تغيب أساتذتها.
ما يحلم به المغاربي كل يوم، ألا يضطر للقوادة حماية لمنصبه… ألا يضطر للوشاية حفاظا على عمله… ألا يضطر للسكر هروبا من خوفه.
ما يحلم به المغربي بسيط وهام جدا، ألا يموت من مرض يمكن علاجه، لأنه لا يملك ثمن دواء متكبر، ألا يموت ويدفن في أقصى مقبرة لأنه لا يملك ثمن “فيلا” في مقبرة خاصة.
ألا ينتظر طويلا في طابور مستشفى بينما آخرون يبتلعون الطابور في غفلة… ألا ينهره شرطي تائه في سادية مفرطة.
ألا يموت في شقة وألا يمشي في جنازته غير حافلة الجماعة.
أن يموت ويجد من يبكيه ويرثيه، لا من يبحث في جسد زوجته عن بقايا لذة…