24ساعة -متابعة
قال أحمد درداري أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية، رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 45 للمسيرة الخضراء، خطاب تأكيدي لمبادئها وأهدافها.
و تؤكد قيمة وأهمية ملحمة المسيرة الخضراء، على اعتبارها نموذجا فريدا في التعبئة الجماعية، والالتزام والانضباط، والتشبث بالحق ومنهجية للبناء ومواصلة العمل الوطني الجدي، كيف لا والمغاربة قد استجابوا بكل تلقائية، وبروح الوطنية الصادقة، لنداء مبدعها والد المغاربة رحمه الله ، فأثبتوا للعالم قدرة الشعب المغربي على رفع التحديات، ودخول التاريخ، بمسيرة سلمية، تكللت باسترجاع أقاليمنا الجنوبية وشكلت حدث القرن العشرين وطنيًا ودوليًا .
وأضاف درداري في إتصال هاتفي مع جريدة “24ساعة” الإلكترونية، أن الملك أكد أن المسيرة الخضراء ليست مجرد حدث وطني بارز، في مسار استكمال وحدتنا الترابية، بل مسيرة متجددة ومتواصلة، بالعمل على ترسيخ مغربية الصحراء، على الصعيد الدولي، وجعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري.
ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أن الملك أشار للتطورات التي عرفتها القضية الوطنية عرفت في السنوات الأخيرة تطورات ملموسة، على عدة مستويات، سواء على مستوى الأمم المتحدة، حيث أقبرت القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، المقاربات والأطروحات المتجاوزة وغير الواقعية التي يناور بها الخصوم ، كما أكدت على المشاركة الفعلية للأطراف المعنية الحقيقية، في هذا النزاع الإقليمي؛ ورسخت بشكل لا رجعة فيه، الحل السياسي، الذي يقوم على الواقعية والتوافق. وهو ما يعتبر انسجاما مع المقترح المغربي، حيث حظيت المبادرة المغربية للحكم الذاتي، بدعم مجلس الأمن، والقوى الكبرى، باعتبار الحكم الذاتي يبقى الخيار الطبيعي الوحيد لتسوية هذا النزاع.
وكذلك على مستوى منظمة الاتحاد الأفريقي، بفضل رجوع المغرب إلى بيته الإفريقي، لينهي بذلك المناورات التي كان المغرب ضحيتها لعدة سنوات، وأصبحت اكثر واقعية وتعتمد على مقاربة بناءة، تقوم على تقديم الدعم الكامل، للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة، بشكل حصري، من خلال أمينها العام ومجلس الأمن، يضيف أحمد درداري.
أما على المستوى القانوني والدبلوماسي، فيرى رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات، أن الدبلوماسية الملتزمة والذكية، التي يقودها الملك محمد السادس، ادت إلى فتح عدة دول شقيقة، قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة؛ في اعتراف واضح وصريح بمغربية الصحراء، وتعبير عن ثقتها في الأمن والاستقرار والرخاء، الذي تنعم به أقاليمنا الجنوبية، وهو دليل على حجم التأييد الدولي للوحدة الترابية للمغرب، حيث ترفض الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، الانسياق وراء نزوعات الأطراف الأخرى. فقد بلغ عدد الدول، التي لا تعترف بالكيان الوهمي 163 دولة، أي 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، كما أن الدول والقوى الكبرى تبنت مواقف بناءة، تمثلت في إبرام شراكات استراتيجية واقتصادية، تشمل دون تحفظ أو استثناء، الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لايتجزأ من التراب المغربي.
وأشار درداري إلى أن كل هذه المكتسبات، تؤكد إلتزام وصدق المغرب، بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، في إطار احترام قرارات مجلس الأمن، من أجل التوصل إلى حل نهائي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، كما سيظل المغرب ثابتا في مواقفه. ولن تؤثر عليه الاستفزازات العقيمة، والمناورات اليائسة، التي تقوم بها الأطراف الأخرى، والتي تعد مجرد هروب إلى الأمام، بعد سقوط أطروحاتها المتجاوزة.
وبخصوص المناوشات التي تقع على مستوى منطقة الكركرات، يرى درداري أن الملك أكد الرفض القاطع، للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي، بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة، وأن المغرب كما كان دائما، سيظل متشبثا بالمنطق والحكمة؛ بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية. مع الوثوق بأن الأمم المتحدة والمينورسو، سيواصلون القيام بواجبهم، في حماية وقف إطلاق النار بالمنطقة.
وعلى الصعيد التنموي، بالنسبة لدرداري، فالخطاب كان واضحا، حيث أكد التزام المغرب بترجمة مغربية الصحراء، بالعمل المتواصل لجعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري، واستكمال للمشاريع الكبرى، التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، وقد حان الوقت، لاستثمار المؤهلات الكثيرة التي يزخر بها مجالها البحري، وان ترسيم الحدود البحرية ضمن أعمال السيادة، في التزام بمبادئ القانون الدولي، و بالحوار والتعاون والشراكة مع اسبانيا، بخصوص أماكن التداخل بين المياه الإقليمية للبلدين الصديقين، في إطار قانون البحار، واحترام الشراكة التي تجمعهما، وبعيدا عن فرض الأمر الواقع من جانب واحد، سيدعم المخطط، الرامي إلى تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية.
وثمن درداري ما جاء في خطاب الملك محمد السادس، حول جعل الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قبالة الصحراء المغربية، واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي، عبر تعزيز دور ميناء الداخلة الأطلسي، في المساهمة في التنمية على غرار ميناء طنجة المتوسط اول ميناء بافريقيا، مما سيتيح مواصلة العمل على تطوير اقتصاد بحري حقيقي، بالأقاليم الجنوبية للملكة لما تتوفر عليه، في برها وبحرها، من موارد وإمكانات، كفيلة بجعلها جسرا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
في هذا الإطار، أضاف أستاذ العلوم القانونية بجامعة عبد المالك السعدي، أن الملك وجه بضرورة الاستثمار في المجالات البحرية، سواء تعلق الأمر بتحلية ماء البحر، أو بالطاقات المتجددة، عبر استغلال مولدات الطاقة الريحية، وطاقة التيارات البحرية.
وبموازاة ذلك، يجب مواصلة النهوض بقطاع الصيد البحري، لدوره في النهوض باقتصاد المنطقة، وإعطاء دفعة جديدة، للمخطط الأزرق، تجعل منه دعامة إستراتيجية، لتنشيط القطاع السياحي بها، وتحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية.
وأضاف دردراي أن كل هذه التوجيهات الملكية تتطلب من جميع المغاربة، مواصلة التعبئة واليقظة، والعمل الجاد والمسؤول، لرفع التحديات الداخلية والخارجية.