24 ساعة-متابعة
أضحت الصحة النفسية واحدة من الركائز الأساسية التي تستوجب اهتماما خاصا، خصوصا في ظل تزايد مظاهر العزلة والانغلاق الاجتماعي، حيث لم تعد العلاقات الإنسانية مجرد وسيلة للترفيه أو التواصل، بل غدت حاجة نفسية وعقلية ضرورية تضمن للإنسان توازنه واستقراره.
وفي هذا السياق، أطلقت الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس بشرى المرابطي، ناقوس الخطر، محذرة من تداعيات الانعزال المطول على الصحة الذهنية، ومؤكدة أن العزلة الطويلة قد تكون مؤشرا خطيرا على اضطرابات نفسية كامنة تتطلب المتابعة والعلاج.
وأكدت الأخصائية النفسية، في تصريحها لـ”24 ساعة”، أن الانعزال يعد من المؤشرات السلمية الدالة على وجود اضطراب نفسي محتمل، مشيرة إلى أن طول مدة الانعزال يمثل إنذارا واضحا يتطلب انتباها خاصا من طرف المحيط والأسرة.
وأوضحت المرابطي أن استمرار الإنسان في حالة انعزال لأكثر من شهر، مرفوقا بأعراض أخرى، يمكن أن يكون دليلا على الإصابة بالاكتئاب أو حتى اضطرابات نفسية أكثر تعقيدا، مثل الفصام أو ما يعرف بـ”السكيتزوفرينيا”.
وقالت إن أبحاثا حديثة في مجال علوم الأعصاب أظهرت وجود علاقة بين العزلة الشديدة وخطر الإصابة بالخرف، لاسيما أن غياب التفاعل الاجتماعي يقلل من نشاط الدماغ ويؤدي إلى تراجع القدرة على التواصل، ما قد يسرع تدهور الخلايا الدماغية.
وأشارت الأخصائية إلى أن الدماغ البشري يحتاج إلى التحفيز المستمر والتعلم والتفاعل مع الآخر من أجل الحفاظ على نشاطه وحيويته، وهو ما يؤكد أهمية العلاقات الاجتماعية في تعزيز الصحة النفسية والعقلية.
وأكدت الأخصائية النفسية، أنه كلما كان الإنسان أكثر انفتاحا على الآخرين، زادت فرصته في تنشيط دماغه والحفاظ على توازنه النفسي.
وخلصت المرابطي إلى أن العلاقة مع الآخر لا تساهم فقط في تعزيز الصحة النفسية، بل تلعب أيضا دورا مهما في رفع مستوى الرفاهية لدى الإنسان، خاصة إذا ما اقترنت بعوامل أخرى إيجابية من قبيل التقدير الذاتي، والدعم الاجتماعي، والأنشطة الترفيهية.
ومن هذا المنطلق، شددت الأخصائية على ضرورة الانتباه للعلامات المبكرة للعزلة المرضية، وعدم التقليل من تأثيراتها الخطيرة، خصوصا في السياق المجتمعي الحالي الذي يشهد تناميا في وتيرة الانغلاق والانفصال الاجتماعي، ما يستدعي مزيدا من الوعي والتحسيس بأهمية الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من جودة حياة الإنسان.