24 ساعة-متابعة
لم يعد العيش في مدن شمال المغرب كما كان عليه سابقًا، فبعد أن كانت ملاذًا للباحثين عن سكن ميسر وحياة هادئة، أصبحت اليوم مسرحًا لأزمة سكن خانقة، تفاقمت بفعل الارتفاع المهول في أسعار الكراء. حتى بات العثور على شقة مناسبة يشبه مطاردة سراب، خصوصًا بالنسبة للطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود.
يرجع السبب الرئيسي. حسب عدد من المتتبعين، إلى الارتفاع غير المسبوق في أسعار الكراء. خاصة خلال المواسم الصيفية. حيث يتزايد الطلب بشكل حاد نتيجة النشاط السياحي الكثيف، مما يُخرج السوق عن توازنها الطبيعي، ويُعطي دفعة قوية للمضاربات العقارية.
بات من الصعب اليوم العثور على شقة للإيجار بأثمنة معقولة، حتى في الأحياء التي كانت توصف سابقًا بالشعبية. وتضاعفت الأسعار في بعض المناطق خلال الصيف لتصل إلى مستويات خيالية. تتجاوز أحيانًا دخل الأسر لعدة أشهر. هذا الواقع دفع بالكثير من الموظفين الجدد إلى البحث في مدن نائية أو السكن في ظروف غير لائقة.
غياب التأطير القانوني
ويعزو مختصون تفاقم الوضع إلى غياب الإطار القانوني المنظم للكراء القصير الأمد والشقق المفروشة، إذ لا توجد نصوص واضحة تضبط هذه الممارسة. وهو ما يفتح الباب أمام العشوائية و”اقتصاد الظل”. ويحرم خزينة الدولة من مداخيل ضريبية هامة كان بالإمكان الاستفادة منها في إطار التسيير المحلي أو تمويل برامج السكن الاجتماعي.
ويحذر هؤلاء من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى مزيد من الفوارق الاجتماعية ويُكرّس التمييز المجالي بين ساكنة الشمال وباقي المناطق. خصوصًا في ظل انعدام حلول حقيقية وفعالة من طرف الجهات المعنية.
مطالب بإصلاحات عاجلة
في هذا السياق، تتعالى أصوات المجتمع المدني والمختصين بضرورة التدخل العاجل عبر تقنين سوق الكراء الموسمي. وتوفير عرض سكني كافٍ ومتوازن. إلى جانب تشجيع السكن الموجه للفئات المتوسطة والفقيرة.
فالحق في السكن ليس فقط مطلبًا اقتصاديًا. بل هو ركيزة من ركائز العدالة الاجتماعية التي لا يمكن تحقيقها إلا عبر إرادة سياسية واضحة وتشريعات حازمة تحد من جشع المضاربين وتعيد التوازن المفقود لسوق الإيجار في مدن الشمال.