24 ساعة-متابعة
في زمن تتقاطع فيه التحديات البيئية مع أسئلة العدالة المجالية، احتضنت قاعة الندوات بمدينة المهن والكفاءات بأكادير، يوم الثلاثاء 27 مايو 2025، لحظة استثنائية جمعت بين المعرفة العلمية، والهم المهني، والوعي البيئي الناشئ.
وجاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جمعية تقنيي قطاع البناء والأشغال بتزنيت، تحت عنوان: “البناء المستدام في جهة سوس ماسة: من التحديات البيئية إلى الحلول الترابية”، في إطار مشروع “سفراء البناء المستدام”، المدعوم من برنامج “أمل”، والذي تنفذه منظمة الهجرة والتنمية بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية.
تكوين من أجل التأثير: مشروع يتجاوز التكوين الكلاسيكي
تمثل هذه المحطة تتويجًا لمسار تكويني تحسيسي انطلق قبل أشهر، يهدف إلى تكوين جيل جديد من التقنيين والمهنيين والطلبة في مجال البناء، لا يقتصر على التقنيات فقط، بل يشمل الفهم العميق للقضايا البيئية وممارسات العمران المسؤول.
سعى مشروع “سفراء البناء المستدام” إلى خلق نواة من الفاعلين المحليين القادرين على الترافع داخل أوراشهم ومؤسساتهم ومجتمعاتهم من أجل نموذج بناء أكثر عدالة بيئية.
بدأت الندوة بحضور أكاديمي رفيع جمع باحثين وخبراء من مختلف التخصصات، قدموا مقاربات دقيقة حول علاقة البناء بالتغير المناخي، والاقتصاد المحلي، وتدبير الموارد. شكّلت المناسبة فرصة لتبادل التجارب والتحديات بين مهنيي القطاع، مما أضفى على النقاش عمقًا مهنيًا وعلميًا.
تميز اللقاء بشكل خاص بتفاعل الشباب: تقنيون ومتدربون وطلبة عبروا عن وعيهم المتزايد بالحاجة إلى تغيير الأنماط السائدة في العمران، والمطالبة بمضامين تكوينية جديدة، وتأطير قانوني واضح، وتشجيع أكبر على الابتكار في البناء المستدام.
من الشرارة إلى المبادرة
بدأ المشاركون بعد الندوة بالتعبير عن رغبتهم في تحويل هذا الزخم إلى مبادرات مشتركة، تنطلق من مراكز التكوين، وتمتد إلى ورش العمل، بل وتتجاوزها إلى فضاءات النقاش العمومي.
التقطت الجمعية المنظمة هذه الإشارة، مؤكدة في كلمتها خلال أشغال الندوة أن اللقاء ليس نهاية، بل بداية لمسار تراكمي يراهن على التوعية، والتكوين، والتأطير، والترافع، من أجل نموذج تنموي ترابي يضع الاستدامة في صلب اختياراته.
تُبرز هذه المبادرة أن مستقبل العمران في المغرب، وفي جهة سوس ماسة تحديدا، لن يُبنى بالإسمنت وحده، بل بالوعي، بالمعرفة، وبالجرأة على إعادة طرح الأسئلة الجوهرية:
كيف نبني مدنا تُصالح الإنسان مع بيئته؟ كيف نُعبّئ الطاقات المحلية في مسار الانتقال الإيكولوجي؟ وكيف نصنع من التقني سفيرا حقيقيا للتحول؟
أسئلة حملتها حملة “سفراء البناء المستدام”، ووضعتها في صلب النقاش، لتقول بصوت واضح:
التحول يبدأ من هنا.