محمد الشمسي
لم تكد لاعبات المنتخب المغربي تحققن إنجازهن التاريخي والرياضي والذي هو إنجاز جميع المغاربة ، بتخطيهن عتبة الدور الأول ومرورهن للدور الثاني في كأس العالم للسيدات، حتى انبرت لهن ألسنة تفتي بحرمة رياضتهن، وتبخس جهدهن، بمرجعية فقهية ظنية، وليست دينية قطعية.
والحقيقة أنه لا يمكن قياس كل مناحي الحياة بوجهة نظر فقهية، ووضع كل الحركات والسكنات تحت مجهر الفقه وأقول الفقه وليس الدين، لأننا سنكون كمن يريد قياس الأثقال و المساحات والمسافات بميزان السوائل، كرة القدم رياضة كغيرها من الرياضات، تقوي الجسم، وتنمي العقل والبدن معا، وتنتج بهجة وسرورا، وقد تحولت إلى صناعة ذات ربح وفير، يتفرج عليها الجمهور ليستمتع بلعب مهاري يغازل فيه اللاعب ذكرا كان أو أنثى الكرة ليراوغ أو يمرر أو يتدخل أو يسجل في منافسة لها ضوابطها، وأما الذين يتفرجون من أجل التلصص على السيقان والأفخاد والصدور أنهكتها التمارين والتداريب، فهؤلاء في قلوبهم كما في عيونهم مرض، و هم ممنوعون من مشاهدة حتى الرجال وهم يلعبون.
للذين خرجوا يصيحون و يولولون أن لعب المرأة لكرة القدم حرام، نقول لهم دعوا الفتيات يمرحن ويلعبن ويحققن أشياء جميلة مفرحة تقوم على التنافس والمثابرة والمجابهة الشريفة فوق الملعب وأمام العالم، ليثبتن لهذا العالم أن المرأة يمكنها أن تكون مسلمة وبطلة في ذات الآن، وأن المرأة المسلمة من حقها أن تكون قوية ومنافسة شرسة بين قريناتها من العالم كله، فالفتيات لسن في مرقص خليع والذي هو حرام على الرجال والنساء على حد سواء، إذا قالت لكم كتب بني أمية وبني العباس أن ما يقمن به هو حرام، فاهنؤوا بكتبكم وبعلمكم، ولا تقربوا مبارياتهن ولا تشاهدوها، فقط أمسكوا عنكم ألسنة السوء في التقول في شابات صغيرات متحمسات، إنهن لسن بناتكم ولا أخواتكم حتى تتحرك فيكم نعرة غيرة مزيفة تخفي خلفها حسدا وضغينة لمن تعتبروهن إيماء يخرجن عن الطوع رويدا رويدا، وما دام لا يروقكم ما هن فاعلات، فلماذا تشغلون أنفسكم بهن وبلعبهن فاهجروا مبارياتهن…أم أنكم تغتنمون الحدث لحصد مزيد من بدع الإعجابات لتجمعوا بها مالا لبدا من اليوتوب خارج رقابة الضريبة وربما حتى عن عين الزكاة، أم أنكم تستشعرون بوار خطابكم فجريتم خلف سير الفتيات تلعنونهن لعنا، فخلاصة القول أن قولكم لا يزيدكم سوى عزلة، وأن استدعائكم لأقوال شاذة تعود للأمويين والعباسيين لا يصنفكم سوى في خانة الثرثارين آكلي لحم لاعبات منهن المتزوجة وربة الأسرة ومنهن ذات الأبوين السعيدين بحسن تربيتها تربية تقوم على المواظبة والكد، وأكل اللقمة بعرق الجبين وليس بالقعود قبالة كاميرات الهواتف والحواسيب للتحريض والكراهية والتنغيص على الناس، ونشر وجهات النظر البالية المتخالف حولها منذ الأزل.
نحن فخورون بلاعباتنا اللواتي هن بناتنا وشقيقاتنا، ممتنون لهن، ونشكرهن ونشكر البطون التي أنجبتهن ليقدن مسيرة تصحيح الأعطاب والأغلاط والخطايا التي الصقتم بالمرأة منذ أن انقلبتم على شرع الله وأقمتم شرعكم الذي يجعل الرجل سيدا سائدا مسيطرا مهيمنا وأما أمه وأخته وزوجته وابنته وغيرهن من النساء فهن في نظره مجرد كويكبات صغيرة تدور في فلك كوكبكم الرجالي الأعظم.