أمين سامي
في ظل الثورة الصناعية الرابعة و التحول الرقمي المتسارع أصبحنا اليوم نعيش في عالم يسير بسرعة مجنونة، لا حدود قصوى لها.. عالم تحكمه “ديكتاتورية المستعجلات”. وبالتالي فمن يتحرك بسرعة بطيئة أو عادية فهو يعرقل حركة السير على طريق التاريخ السريع والمتسارع.. فالقاعدة الآن في ظل الثورة الصناعية الرابعة هي تَحَرّك، أو انسحب واقعد طاعماً كاسياً عند أول محطة استراحة خارج مسار التاريخ الذي اليوم أصبحت السرعة والتسارع اليوم نمطا جديدا ضمن طياته.
إن الأماكن كلها والأزمنة اليوم أصبحت تبحث عن السرعة في كل شيء سواء كان بأزمة أو بدون أزمة، كل شيء اليوم انتقل إلى السرعة القصوى.. نعم كل شيء: الإنترنت السريع، وسلاسل التوريد السريعة، والمعاملات المالية السريعة، والقطارات السريعة، والوجبات السريعة، والقرارات السريعة، والقراءة السريعة، والتفكير السريع، العمل السريع، المهن السريعة،… إننا نعيش ماتم سبق ذكره ديكتاتورية المستعجلات!
إننا ونحن نعيش هذه المرحلة من بداية الثورة الصناعية الرابعة ونحن نعيش زمن السرعة بامتياز، هل نحن اليوم بحاجة ماسة إلى هاته السرعة والتسارع الذي يمشي به العالم، أم هي حاجة الرأسمالية العالمية المتوحشة التي تريد السيطرة والتحكم في العالم الجديد وإعادة هيكلة النظام العالمي الجديد وفرض شروط اللعبة الجديدة على الملعب الجديد، وفرض شروط إذعان وخضوع وتبعية للدول الضعيفة والنامية كي لا تكون لها القدرة على إتخاذ القرار وبالتالي التحكم في القرارات عن طريق الصناديق والبنوك الدولية العالمية.
إن التحدي الذي ينتظر الأفراد والمنظمات والدول في عالم في ظل الثورة الصناعية الرابعة و التحول الرقمي وإعادة بناء نموذج تنموي عالمي جديد جوهر إقتصاده هو إقتصاد المعرفة إنه تحدي السرعة والتسارع التي يعرفها العالم اليوم وغذا .
وبالتالي هذه المنتجات الجديدة، التي ظهرت في هاته الأزمنة الحديثة زادت من جنونها العولمة والتقدم التكنولوجي… المتهمان الرئيسيان في هذا التسارع هما الإنترنت، وإنترنت الأشياء بشكل خاص.
إن مظاهر السرعة اليوم والتي نستشفها بامتياز راجع إلى أسباب متداخلة ومتعددة في عالمنا اليوم :
– إنترنت الأشياء، والربط الشبكي لملايير الأشياء فيما بينها وبشكل تزامني.
– تقنية الجيل الخامس ومزاياها المتطورة وعلى رأسها السرعة العالية.
– الثورات التكنولوجية التي ضاعفت عدد ساعات اليوم، لأنها أتاحت لنا القيام بأعمال في ساعات كنا نقوم بها في أسابيع وشهور، وأتاحت العمل والتواصل من أي مكان وأي زمان.
– التغييرات المستمرة والجذرية والشمولية والسريعة التي أصبحنا نخضع لها، والتي رفعت إيقاع كل من يريد أن يواكب هذه التغييرات.
– ندرة الوقت وبشكل متزايد ومتناسب مع السرعة.
– دورات حياة المنتجات والخدمات والمشاريع والسياسات والقرارات والأفكار التي أصبحت تتم في مدد أقصر.
لكن هناك سؤال جوهري يجب طرحه هو: لماذا السرعة؟ هل توجد فعلا حاجة إليها؟ هل يوجد فعلا ما يبرر هذه السرعة الجنونية.
خبير في التخطيط الاستراتيجي للمنظمات غير الحكومية.