سكينة قيش _ صحافية متدربة
في ظل الهجوم الذي تقوده الحكومة الإسبانية ووسائل الإعلام الإيبيرية وأحزاب إسبانية ضد المملكة المغربية. وارتباطا بأول تصريح رسمي لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عقب تداعيات أحداث سبتة المحتلة، والذي جاء فيه التعبير عن الرفض القاطع من قبل المغرب لازدواجية الخطاب والمواقف من طرف مدريد والتشبث بالوضوح والشفافية في قضية استقبال مجرم الحرب وزعيم الجبهة الانفصالية البوليساريو إبراهيم غالي يسلط الباحث في مجال البروباغندا التطبيقية أمين صوصي علوي الضوء على خلفيات وتداعيات هذه الأزمة،في تصريح له خص به جريدة 24 ساعة.
في هذا السياق قال الباحث “أن إسبانيا تحاول الهروب إلى الأمام باختلاق مشاكل أخرى فرعية للهروب من الورطة التي أوقعت نفسها فيها باستقبال زعيم البوليساريو المجرم الهارب من العدالة، وبتصرفها الأرعن وقبولها بشكل غير قانوني إدخال مجرم حرب تلاحقه الضحايا من أصناف مختلفة وقضايا معقدة، وضعت نفسها أمام ورطتين: ورطة أمام الرأي العام الإسباني، الذي لا يعرف تفاصيل وتداعيات هذه القضية. وكذلك بشكل أكثر حدة مع الجارة المغرب حسب رأيه
وشدد أمين صوصي علوي على أن إسبانيا في علاقتها مع المغرب تتبنى ازدواجية الخطاب وهي الفكرة التي حملها بلاغ وزير الخارجية ناصر بوريطة، وفسر الباحث هذه الازدواجية بالقول “هي التي كانت تدعي منذ وقت طويل رغبتها في تقوية العلاقة مع المغرب في حين كانت تمارس الطعن من الخلف لأنها لا تريد جار جنوبي قوي وهذا السلوك مرتبط أساسا بخلفياتها ذات الفكر الاستعماري القديم، فهي لم تبتلع بعد الصعود المفاجئ والمخيف الذي حققه المغرب على جميع الأصعدة، ذلك أنها تريد دائما تلك العلاقة التي يمثل فيها المغرب الطرف الضعيف والتابع نظرا للمنطق الاستعماري”
وأكد الباحث على ضرورة التشبث بالنقطة التي أشار لها ناصر بوريطة ضمن رده على أزمة سبتة والتي تهم تحيين إسبانيا نظرتها للمغرب بحيث صرح الباحث على أنه “انتهى زمن المنطق الاستعماري والمغرب دولة قوية ومتقدمة الآن، وهذا المتغير الكبير يحرج إسبانيا والمتعاونين معها إقليميا، لهذا تصريحات بوريطة تأكد على بضع نقاط تحاول إسبانيا تجاهلها والمتمثلة أساسا في كون المغرب لن ينفع معه الهروب إلى الأمام بألاعيب سياسية وهو قادر على كشف تلك الأساليب الركيكة وإظهارها للرأي العام، وبناء عليه طالب المغرب برد مباشر ومقنع على ملف استقبال غالي” كما شدد على أن “هذا الاستقبال يعتبر ورطة لها ثقلها قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة الحالية لأن فيها مخالفة للدستور والمؤسسات الدستورية بما فيها القضاء إلى جانب مخالفة القانون الدولي”
واسترسل الباحث المتخصص في مجال البروباغندا في تفسير النقاط الأخرى التي أشار إليها الوزير في بلاغة ودائما في اتصال بتحيين النظرة للمغرب والنظر إلى كونه أصبح قوة إقليمية وفك منطق التبعية، بحيث أورد أنه “ يجب على إسبانيا التخلي عن العقدة التاريخية وتصديق هذا المعطى الجديد وهو الآمر الذي تخشاه إسبانيا تاريخيا لما يشكل بالنسبة إليها من تهديد جيوسياسي وهذا ما يترجمه العداء الدفين لبعض النخب السياسية والثقافية بإسبانيا اتجاه المغرب والذي تمتد جذوره إلى مرحلة الأندلس وبعد ذلك إلى مرحلة سقوط الأندلس”
وعلى صعيد أخر لفت الباحث إلى أن “مدريد تعاني من انفصام في الشخصية ففي الوقت التي تقدم نفسها على أساس أنها شريك اقتصادي وسياسي للمغرب تتلاعب بهذا المعطى وتقدم على سلوكيات متناقضة تماما مع تصريحات مسؤوليها الحكوميون فتستمر بشكل سري في دعم الانفصاليين وهو ما يفسر جبنها في مواجهة المغرب وهذا الموقف ينعكس على قضية سبتة ومليلية الثغرين المغربين المحتلتين من طرف إسبانيا” مؤيدا بذلك ما أفاد به ناصر بوريطة في هذا الصدد.
وربط الباحث الهجوم الأخير الذي تقوده إسبانيا اتجاه المملكة بكون أن “إسبانيا لا تريد الوصول إلى حل سياسي للخروج من الثغرين ولذلك هي تخلق أزمات في الصحراء لإبعاد المغرب عن المطالبة بهما و ما يفسر هذا الاضطراب في المواقف الإسبانية هو كون المغرب قوة لا يمكن تخطيها في المجال المتوسطي والتعاون معه ضرورة حتمية ولذلك تظهر ما لا تبطن فهذا الاضطرار لا يلغي الأحقاد التاريخية ولا الأطماع الاستعمارية المرتبطة بمكونات هذه الدولة اتجاه المغرب.”
وشدد الصوصي العلوي ضمن تصريحه على قضية الشفافية كمطلب أشار له وزير الخارجية ناصر بوريطة في بلاغه بالقول”يجب على مدريد أن تتحلى بالشفافية إزاء الرأي العام الإسباني. وبناء عليه لفت المتحدث إلى أن “هذه المواقف لا تحتمل الغموض فإما يكون الموقف داعما صراحة للانفصاليين وبالتالي إلغاء التعاون و الشركات القائمة على جميع المستويات وتكون حينها علاقات عداوة واضحة وإما المصارحة بالتعاون مع المغرب وبالتالي القطع مع الفكر الاستعماري حينها فقط يمكن التعاون وإقامة شراكة ذات مصداقية وأن تحذوا حذو الدول الكبرى التي عرفت قدر المغرب وأقرت بحقه في صحرائه كأمريكا ”.
وفي الختام أبرز الباحث أن “هذه هي الأسباب الصريحة والواضحة للازمة بين البلدين على عكس ما تروج لها إسبانيا وإعلامها المضلل التي تربط الأزمة بما يقع في سبتة والسماح للمغرب بنزوح المهاجرين اتجاهها وبهذا المغرب غير مضطر للالتزام مع اسبانيا وحماية حدودها مادامت لا تتعامل بالمثل وتقبل إدخال مجرم حرب معادي للمغرب وحمايته لكونه سلوك شنيع وغير سوي على اسبانيا تحمل نتائجه كاملة ”.