24 ساعة – متابعة
فند عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، المغالطات التي وردت في مداخلة ممثل الجزائر خلال جلسة تناولت موضوع تحديات النزوح في العالم، حيث حاول الأخير توظيف هذا الملف لأغراض سياسية تمس بقضية الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، قال إدريس قصوري، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، إن ممثل الجزائر في الأمم المتحدة استغل موضوع “تحديات النزوح في العالم” ليعكس مجددا العقيدة الجزائرية في التعامل مع القضايا الدولية، عبر خطاب تضليلي يقوم على وقائع مزيفة، متجاهلا التحولات الجيوسياسية والنقد الحاد الذي توجهه القوى الدولية، حتى من أقرب الحلفاء، كما عبر عنه وزير الخارجية الروسي، والذي اعتبر الجزائر دولة تفتقر للمصداقية والسمعة الدولية.
وأكد قصوري في تصريحه لـ”24 ساعة”، أن ممثل الجزائر تجاوز حدود الغموض إلى الكذب والتزوير، حين اعتبر أن المغاربة الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف هم نازحون قسرا، في تجاهل تام للتعريفات القانونية الدقيقة لمفهوم “النزوح القسري”، كما هو منصوص عليه في القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وضمن مقررات جنيف وكافة البروتوكولات الملحقة والمعدلة.
وأوضح المحلل السياسي، أن ممثل الجزائر حاول اللعب على الوتر الإنساني عبر توظيف هذا المفهوم من أجل الدعاية المغرضة وتوجيه رسائل خاطئة إلى الأمم المتحدة والدول الكبرى، متجاهلا الواقع التاريخي والقانوني للقضية، ومؤكدا أن الجزائر بهذه الخطوة ترفض المضي نحو الحسم السياسي لنزاع الصحراء، ولا تأخذ بعين الاعتبار التحولات الدولية المتسارعة، خاصة مواقف الولايات المتحدة، فرنسا، وغيرها من القوى المؤثرة التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد واقعي وذي مصداقية.
وشدد المتحدث، على أن الجزائر، من خلال هذا الموقف، تظهر أنها لا تزال حبيسة عقيدة الماضي والتوتر وافتعال الصراعات، رافضة السلم والتعاون والتنمية في المنطقة، وتكرس سياسة خلق الأزمات في الجنوب والشمال، بما يشمل ملفات الانفصال، وتجارة السلاح، والإرهاب، والمخدرات، والاتجار بالبشر، وهو ما يهدد مستقبل المنطقة المغاربية ويقوض فرص النهضة الإفريقية.
وأشار إدريس قصوري إلى أن ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة، السفير عمر هلال، تصدى بقوة لهذه المغالطات، وقدم مرافعة فكرية وقانونية منظمة ودقيقة، هدفها تفكيك خطاب ممثل الجزائر بصرامة علمية، ومنع محاولات التمويه والالتفاف على المفاهيم القانونية.
وبين هلال، أن النزوح القسري لا ينطبق مطلقا على المغاربة الصحراويين في تندوف، إذ لا تتوفر فيه الشروط اللازمة كوجود الاضطهاد السياسي أو الانقلابات أو الكوارث الطبيعية أو الاقتصادية التي تجبر الأفراد على النزوح.
وأوضح المحلل السياسي، أن ما حدث في تندوف كان نتيجة مخطط سياسي مقصود من طرف جهات معينة، تم خلاله تجميع مجموعة من الصحراويين في ظروف قسرية من طرف ميليشيات مسلحة، في ظل غياب أي إشراف من منظمات إنسانية معترف بها دوليا.
وهذا يضع حالة تندوف خارج كافة المعايير القانونية والإنسانية المعتمدة في تعريف النزوح القسري، ما يجعل الادعاء الجزائري غير ذي أساس ومرفوض شكلا ومضمونا.
وتطرق النقاش أيضا حسب قصوري، إلى مسألة “الاستعمار”، حيث ذكر عمر هلال بأن نزاع الصحراء لا يندرج ضمن فصول الأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار، وعلى ممثل الجزائر احترام ميثاق المنظمة وفصوله القانونية الدقيقة، وعدم خلط الأوراق أو توظيف المفاهيم بشكل مغلوط.
كما بين إدريس قصوري أن هلال رد أيضا على محاولة ممثل الجزائر إعادة طرح موضوع “الاستفتاء”، حيث أكد أن الأمم المتحدة قد أقبرت هذا الخيار منذ عامي 2002 و2003، وأنه لم يعد واردا في أي نقاش رسمي أو مسار أممي، وهو ما يعني أن الحديث عنه اليوم لا يتماشى مع السياق الراهن الذي تبنى مقاربة الحل السياسي الواقعي، المتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وأشار قصوري إلى أن السفير عمر هلال، بعد تفكيكه لهذه المغالطات، واجه ممثل الجزائر بصرامة، مؤكدا أن ما يروجه لا علاقة له بالواقع، بل هو “هراء سياسي” يعكس استمرار النظام الجزائري في منطق التوتر ورفض الاعتراف بالمستجدات القانونية والواقعية التي تبنتها الأمم المتحدة في هذا النزاع.
وخلص المحلل السياسي، إدريس قصوري إلى التأكيد على أن عمر هلال، ومن خلال خطابه، ربط بين الشرعية المغربية والمشروعية الأممية، ونجح في إحراج ممثل الجزائر داخل المنتدى الأممي، مبرزا أن اللحظة الراهنة هي لحظة تنفيذ وتفعيل مبادرة الحكم الذاتي، وليس التراجع أو العودة إلى الوراء، داعيا الجزائر إلى الانخراط الجاد في مسار الحل النهائي وفق الرؤية الأممية التي لم تعد تقبل المناورات أو الخطابات الشعبوية الخارجة عن السياق.