منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن، تحولت التجربة المغربية في مجال التصدي للخطر الإرهابي إلى نموذج يحتذى به عبر العالم، تتقاطر عليه أقوى أجهزة الأمن عبر العالم لطلب خبرته وتعاونه.
استراتيجية المملكة في هذا المجال تقوم على محاور متعددة، على رأسها قوة أجهزته الاستخباراتية التي ساهمت في التصدي لعدد من المخططات ليس فقط داخل المملكة، بل على صعيد دول صديقة وشقيقة بفضل تعاون أمني منقطع النظير.
الحلقة الثانية عشرة:
خططت لارتكاب حمام دم غير مسبوق بالقيام بأعمال تخريبية بمختلف بؤر التوتر العالمية وداخل التراب الوطني خاصة بواسطة سيارات مفخخة تستهدف بعض المصالح الأجنبية بالمملكة وكذا عدة منشآت وطنية حيوية ومراكز أمنية. لكن يقظة المصالح الامنية كانت لها بالمرصاد.
انها أحد أخطر الشبكات الارهابية التيأعلن عن تفكيكها يوم 27 دجنبر من سنة 2010، والمكونة من ستة مغاربة ينشطون في مجال ما يصطلح عليه بإرهاب “السبرنتيك, واكتسب أفرادها خبرة كبيرة في صنع المتفجرات و كانوا يخططون لتوظيف تلك الخبرة في عملياتهم الارهابية، وفق بيان لوزارة الداخلية نشر بعد توقيفهم.
وكشفت التحريات الأمنية الأولية حينها, أن الأنترنيت لم يعد فقط مجالا للإستقطاب، بل أيضا فضاءا لتلقي التكوين عن بعد واكتساب الخبرة في مجال المتفجرات، فأعضاء شبكة «إرهاب السبرنتيك» تلقوا تدريبهم في المنتديات الجهادية على الشبكة العنكبوتية على أيدي خبرا الجماعات الارهابية بمختلف بؤر التوتر.
كانة البداية بتتبع المصالح الأمنية خاصة الخلية المعلوماتية المتخصصة في مكافحة الجريمة الإرهابية لأفراد الخلية، ورصدت خطواتهم على الأنترنيت وجمع معلومات عنهم قبل أن يتم نصب شراك للإيقاع بهم، وحسب التحريات الأمنية، فإن أحد المعتقلين ضمن خلية «الإرهاب المعلوماتي» هو تقني متخصص ويقطن مدينة الناظور، راكم تجربة كبيرة في ميدان الالكترونيات وكيفية صناعة المتفجرات، وتضيف أنه «لتمكنه من تقنيات الأنترنيت، فإنه واضب على ولوج المواقع والمنتديات الجهادية وخاصة منتدى «الفلوجة»، وكانت حواراته مع متطرفين آخر سببا في اعتناقه لايديولوجيا التطرف والعنف»، وإن كان منذ صغره ملتزما دينيا بحكم انتمائه لعائلة محافظة صوفية بمسقط رأيه بدورار شعانين نواحي بركان بالمغرب الشرقي.
توطدت علاقة المعتقل الأول وهو من مواليد سنة 1987 بشخصين آخرين هما أحدهما من مواليد سنة 1983 وهو كهربائي يقطن بدوار الزاوية بمداغ نواحي بركان، وثالث من مواليد سنة 1987 بدوار زريب مداغ بركان وهو تقني، ولأنهم ينحدرون من نفس المنطقة توالت اللقاءات بينهما، وشكلوا النواة الأولى لخليتهم، حيث دأبوا على عقد اجتماعات ثلاثية’ ومن تم بدأ الإعداد لمشروعهم الإرهابي. قام المشتبه الأول والمدعو صابر بمحاولات لتصنيع متفجرات بحكم خبرته كتقني متخصص، كان ذلك في البداية بمفرده قبل أن يلتحق به العضو الثاني والثالث عبد الحق وياسين.
«أسد الأقصى» هو اللقب الذي ظل يتخفي وراءه المشتبه به الرابع والمسمى زكرياء وهو من مواليد سنة 1992 بدورار أيت لحسن أولاد برحيل تارودانت ويقطن بأيت ملول وهو بدون مهنة، ومن خلال الشبكة العنكبوتية تعرف على المشتبه به صابر خاصة أنه بدوره داوم على ولوج منتدى «الفلوجة الجهادي» وتوطدت العلاقة بينهما ليلتحق بأفراد الخلية الثلاثة الآخرين.
ضمن أفراد الخلية اعتقل أيضا المدعو خالد وهو من مواليد سنة 1982 ببني دوار وجدة وهو بدون مهنة ويقطن بالحي الحسني بوجدة، بينما العنصر الخامس فلا علاقة له أفراد الخلية الستة، وهو المدعو ياسين وهو أيضا من المواظبين على ولوج المنتديات الجهادية وينشط فيما يسمى «الإعلام الجهادي تحت تسمية «الزراري الجعفري».
توبع المتهمون الستة بالإعداد لاستهداف مصالح أجنبية ومراكز أمنية ومنشئات حيوية بعدد من مدن المملكة باستعمال تقنية السيارات المفخخة. وبعد ادانتهم من طرف غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا بأحكام مخففة، ستقرر غرفة الاستئناف رفع العقوبة الحبسية الصادرة في حقهم وتأييد تلك التي صدرت في حق آخرين, وذلك بعد أن اقتنعت بتخطيطهم لتنفيذ أعمال إرهابية.
وتم رفع العقوبة من ثلاث سنوات حبسا نافذا إلى ست سنوات سجنا نافذا في حق متهمين ومن أربع سنوات حبسا نافذا إلى ست سنوات سجنا نافذا في حق متهم واحد٬ فيما قضت بتأييد الحكم الابتدائي في حق ثلاثة متهمين آخرين.
وكان ممثل النيابة العامة قد التمس خلال مرافعته «رفع العقوبة الحبسية إلى الحد الذي يتناسب وخطورة الأفعال»، فيما التمس «الدفاع البراءة لانعدام الأدلة المادية ووسائل الإثبات».
لم تكن تلك المرة الأولى التي يتم فيها استعمال الأنترنيت في الإستقطاب، فالعديد من الخلايا التي تنشط في استقطاب المقاتلين الى العراق وأفغانستات والصومال والساحل والصحراء تستغل الشبكة العنكبوتية للبحث عن مرشحين جدد للإلتحاق بمعسكرات التدريب هناك.
فقد تم يوم 23 شتنبر 2011 الاعلان عن تفكيك خلية إرهابية أطلقت على نفسها “سرية البتار” تتكون من ثلاثة أفراد، من بينهم معتقل سابق في إطار قانون مكافحة الإرهاب، يتزعمهم أحد الناشطين البارزين في المواقع الجهادية عبر الأنترنت ذات الصلة بتنظيم القاعدة، والذي تمكن من نسج علاقات وطيدة مع أقطاب التنظيمات الإرهابية، بكل من اليمن وأفغانستان والصومال وليبيا والعراق، ومناطق أخرى,.
وبعد ذلك, سيتم في فاتح أكتوبر 2011 ، تفكيك خلية إرهابية تتكون من خمسة أفراد ينشطون بكل من الدار البيضاء وسلا، من بينهم أحد أقارب الأمير السابق للمنطقة الشمالية لتنظيم القاعدة بالعراق. أعضاء هذه الخلية الإرهابية الذين أعلنوا ولاءهم لأيمن الظواهري، تمكنوا من ربط علاقات وطيدة عبر الشبكة العنكبوتية بقياديين بتنظيم القاعدة بالعديد من المناطق خاصة سوريا، العراق، تركيا، اليمن والصومال، كما خططوا لاستهداف المصالح الغربية بالمملكة ومقرات الشركات الأجنبية والمواقع السياحية، والمؤسسات السجنية وكذا اغتيال أجانب وشخصيات عمومية.