محمد أسوار- 24 ساعة
على بعد أيام من انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي ”الناتو” التي تستضيفها العاصمة الإسبانية مدريد، يومي 29 و30 من يونيو الجاري؛ خرج وزير الخارجية الإسبانية، مانويل ألباريس، لتوضيح بعد مهام الحلف، في ظل توتر دولي واقليمي غير مسبوق.
ألباريس قال؛ اليوم الإربعاء 22 يونيو الجاري، إن التهديدات التي يريد الحلف مواجهتها في ”الجناح الجنوبي” غير موجهة ضد المغرب.
تهديدات قادمة من شمال افريقيا
وتصر الحكومة الإسبانية، خلال قمة ”الناتو”، التي تعقد في مدريد الأسبوع المقبل، على إدراج التهديدات القادمة من شمال افريقيا ومنطقة الساحل، ضمن المفهوم الاستراتيجي الجديد للتحالف.
يأتي ذلك في خضم أزمات غير مسبوقة تمر منها علاقات مدريد بدول من شمال افريقيا، خصوصا الجزائر والمغرب، الأولى لا تزال تداعيتها مستمرة ومقبلة على مزيد من التصعيد، أما في حالة المغرب فلم تنتهي سوى بدعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي كـ ”حل جاد وواقعي” لنزاع الصحراء.
توسع روسي يُقلق إسبانيا
في المقابل؛ شدد وزير الخارجية الإسباني ووزيرة الدفاع مارغريتا روبلز على أن التوسع العسكري الروسي في العديد من البلدان في المنطقة، ”جزء من المشكلة التي يجب على الحلف أن يساعد فيها”.
رغبة مدريد تشكل مصدر إزعاج جديد للجزائر، البلد الذي يعارض تقليديًا حلف ”الناتو” ويتلقى الجزء الأكبر من أسلحته ومعداته العسكرية من موسكو.
من جهتها قالت وزير الدفاع الإسبانية، إن حلف ”الناتو” رصد، مؤخرا، قلقا خطيرا للغاية بشأن توسع روسيا في افريقيا، مشيرا إلى أن هناك دولًا تتلقى مساعدات عسكرية “ليس فقط بالأسلحة ولكن أيضًا بأفراد من الجيش الروسي ومن منظمات مثل فاجنر”.
وأضافت أن “الوجود الروسي في إفريقيا في هذا الوقت أكثر من مثبت ومستوى توسع الحركات الإرهابية مقلق للغاية، سواء بالنسبة للحلف الأطلسي أو بالنسبة للاتحاد الأوروبي”.
ضد أحد!
في هذا السياق، أجاب ألباريس على أسئلة ”EL PERIÓDICO DE ESPAÑA”، في مؤتمر صحفي في مونكلوا قائلا: “المفهوم الاستراتيجي ليس موجهًا ضد أي احد، لا يمكن لأحد أن يشعر بأنه مراقب أو مهددا”، مؤكدا أن ”الناتو” هو ” حلف دفاعي وليس هجومي، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لديه توقعات في سيناريوهات مختلفة”.
وسيشكل موضوع الضواريخ المضادة للطائرات وطائرات ”أواكس” وتهديدات الطائرات بدون طيار وتهديدات أخرى، موضوع قادة الدول المجتعمة في قمة ”الناتو” في مدريد”.
الاستخدام السياسي للهجرة
ومن أكثر الحجج التي استخدمتها الحكومة الإسبانية في الأسابيع الأخيرة للدفاع عن مصلحة إسبانيا، لإقناع ”الناتو” بتحويل موقفه نحو التهديدات القادمة من جنوب البحر الأبيض المتوسط هو “الاستخدام السياسي” للهجرة.
وتجنب ألباريس الإشارة إلى المغرب في هذا الصدد، في ظل الحديث على أن أمواج المهاجرين الذين دخلوا سبتة ومليلية شهر ماي الماضي، جاء كرد فعل على استقبال إسبانيا، لزعيم الجبهة الإنفصالية؛ ابراهيم غالي؛ قصد العلاج من ”كورونا”.
الناتو يوجه اتهامات غير مسبوقة وخطيرة للجزائر
يأتي ذلك، بعد أن وجه الحلف اتهامات خطيرة للجزائر، وقال إن الأخيرة تشكل ”خطرا أمنيا على أوروبا وتستخدم إمدادات الغاز إلى دول جنوب أوروبا كسلاح جيو سياسي” وفق وثيقة سرية نشرتها النسخة الألمانية من الموقع الإخباري الأمريكي ”بيزنس إنسايدر”.
وحدد التحالف السياسي العسكري في هذه الوثيقة، أن التهديد يأتي من شحنات الغاز الجزائري إلى دول جنوب أوروبا ، وبشكل خاص إلى إسبانيا.
وأضافت الوثيقة أن « هناك خطر من أن تستخدم الجزائر شحنات الغاز كوسيلة للضغط السياسي على غرار ما يستعمله النظام الروسي، وهذا من شأنه أن يشكل خطرا على مرونة أوروبا السياسية والاقتصادية. على المدى الطويل ، ما سيهدد مكانة الجزائر كمورد للطاقة لأوروبا “.
وتشير الوثيقة إلى أن أمن الطاقة كان يُنظر إليه منذ سنوات عديدة على أنه “عامل مهم في السياسة الخارجية والأمنية ، بما في ذلك داخل الناتو”، الذي أثارت التحركات الأخيرة في المنطقة، مخاوف الأوروبيين بشأن استخدام الجزائر لإمدادات الغاز “كسلاح جيوسياسي” بعد أن هددت في 27 أبريل المنصرم بفسخ عقد توريد الغاز لإسبانيا إذا كانت سترسله “إلى وجهة ثالثة”.
وتزود شركة النفط والغاز الجزائرية، سوناطراك، أكثر من 40 في المئة من الغاز الطبيعي الذي تستورده إسبانيا، والذي يصل معظمه إليها عبر أنبوب الغاز البحري ميدغاز ، بطاقة 10 مليارات متر مكعب سنويا. وذلك عقب إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي المار من المغرب الذي يعتبر ذو طاقة إستعابية مهمة والتهديد بإنهاء عقد توريد الغاز مع إسبانيا عقب قرار إسبانيا التصريح “بالتدفق العكسي لخط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي”، إضافة إلى اعتبارها إجراءات انتقامية في سياق الدعم الإسباني الأخير لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء.