24ساعة-عبد الرحيم زياد
شرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرًا استقصائيًا يكشف عن تورط إيران في تهريب الأسلحة والأموال إلى سوريا، مع تسليط الضوء على دورها في تدريب مقاتلين تابعين لجبهة البوليساريو الإنفصالية. في إطار استراتيجيتها لتوسيع نفوذها الإقليمي والدولي.
يأتي هذا التقرير في سياق متابعة جهود النظام السوري الجديد لتفكيك شبكات مرتبطة بطهران. مما يكشف عن أبعاد جديدة للأنشطة الإيرانية التي تمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط.
تهريب الأسلحة والأموال: “الجسر البري” الإيراني
ركز التقرير على محاولات النظام السوري الجديد للقضاء على ما يُعرف بـ”الجسر البري”. وهو شبكة تهريب عبر سوريا كانت تستخدمها إيران لنقل الأسلحة والأموال والمخدرات والوقود إلى حلفائها. مثل حزب الله في لبنان. هذه الشبكة، التي شكلت لسنوات قناة حيوية لتعزيز النفوذ الإيراني.
باتت اليوم تحت وطأة جهود السلطات السورية لتقويضها بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد. ومع ذلك، يبرز التقرير استمرار إيران في البحث عن سبل بديلة للحفاظ على خطوط إمدادها، بما في ذلك التعاون مع جماعات متطرفة غير تقليدية.
تدريب البوليساريو: امتداد النفوذ الإيراني
من أبرز ما كشفه التقرير هو تورط إيران في تدريب مقاتلين من جبهة البوليساريو، الجماعة المسلحة التي تتخذ من الجزائر مقرًا وتسعى لاستقلال الصحراء عن المغرب. استندت الصحيفة إلى تصريحات مسؤول إقليمي وآخر أوروبي، أكدا أن إيران قدمت تدريبات عسكرية لهؤلاء المقاتلين كجزء من استراتيجيتها لدعم مجموعات موالية لها في مناطق نزاع مختلفة.
وأشار التقرير إلى أن مئات من عناصر البوليساريو. باتوا محتجزين لدى قوات الأمن السورية الجديدة، مما يعكس تورطهم في أنشطة عسكرية إلى جانب قوات موالية لإيران في سوريا سابقًا.
استراتيجية إيران: دعم الجماعات الموالية
أوضح التقرير أن إيران، على مدى سنوات، دعمت طيفًا واسعًا من الجماعات المسلحة في مناطق متفرقة من العالم، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وميليشيات شيعية في العراق وسوريا. هذا الدعم، الذي يشمل التدريب العسكري وتزويد الأسلحة والتمويل، يهدف إلى تعزيز المصالح الاستراتيجية لطهران وتوسيع حضورها الإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق. يُعد تدريب عناصر البوليساريو خطوة تهدف إلى استغلال النزاع في الصحراء لإضعاف خصوم إيران. مثل المغرب، الذي يحظى بدعم دولي واسع في هذا الملف.
دلالات التقرير
يكشف تقرير “واشنطن بوست” عن تعقيدات الاستراتيجية الإيرانية التي تعتمد على بناء شبكات من الوكلاء لتحقيق أهدافها الجيوسياسية. تورط إيران في تدريب البوليساريو يثير تساؤلات حول مدى امتداد هذه الأنشطة إلى مناطق أخرى في إفريقيا والعالم، ويعزز الرواية التي تربط بين طهران. وبعض الجماعات المسلحة في سياقات نزاع بعيدة عن الشرق الأوسط.
كما يسلط التقرير الضوء على التحديات التي تواجهها السلطات السورية الجديدة في مواجهة هذه الشبكات. خاصة مع استمرار إيران في السعي للحفاظ على نفوذها رغم التحولات السياسية في دمشق.
ردود الفعل والتداعيات
أثار التقرير ردود فعل متباينة، حيث رأى البعض أن توقيت نشره يعكس محاولات للضغط على إيران ووكلائها. في سياق التوترات الإقليمية المتزايدة. على منصة إكس، تناولت منشورات عديدة هذه القضية. مشيرة إلى أن تأكيد صحيفة أمريكية كبرى على علاقة إيران بالبوليساريو قد يعزز الجهود الرامية لتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية. خاصة مع وجود مبادرات في الكونغرس الأمريكي بهذا الاتجاه. ومع ذلك، يظل هذا الموضوع حساسًا. ويتطلب تدقيقًا إضافيًا لتجنب الاستنتاجات المتسرعة.