ترجمه: أيوب مزين – خاص: 24 ساعة
“اتصل بي يوم الخميس الماضي، بعد الزوال. والآن فقط عرفت أنه أرادها مكالمة الوداع. مع أنه لم يقل شيئا مميزا، لكني شعرت من نبرة صوته بأنه الاتصال الأخير”. هكذا تحدثت حصريا لمجموعة “ريبوبليكا” الإيطالية السيدة فاليريا خديجة كولينا، والدة يوسف زغبة أحد المسؤولين الثلاثة عن الاعتداءات التي أودت بحياة 7 أشخاص في لندن. تقدم لكم “24ساعة” ترجمة للحوار الكامل:
هذا الصباح، توجهت فرقة متخصصة من المحققين في قضايا الجريمة (Digos) بمدينة بولونيا، حيث تقطن والدة زغبة، للبحث عنها في بيتها: عندما همّت بفتح الباب، اعتقدت فاليريا (المسلمة منذ 26 عاما) أنهم سيطرحون عليها أسئلة إضافية بخصوص اختفاء ابنها بعدما أشعرت السلطات بذلك، لكن المحققين أوقفوها على الفور قائلين: “مع الأسف، لسنا هنا لهذا الأمر، بل جئنا لإخبارك بشيء آخر. لقد توفي ابنك”. في اللحظات التالية، رجعت فاليريا بذاكرتها إلى الأيام الأخيرة لكي تتذكر المكالمات مع ابنها محاولة فهم ما لا يصعب فهمه.
هكذا تحول يوسف، 22 سنة، الإيطالي المغربي الذي حاول الركوب على متن طائرة من بولونيا إلى تركيا، إلى جندي للدولة الإسلامية بلندن حيث شارك في الهجوم الثنائي الذي خلّف سبعة قتلى و48 جريحاً.
لسبريسو: متى كانت آخر مرّة سمعت فيها صوته؟
لقد اتصل بي يوم الخميس الماضي، بعد الزوال. والآن فقط عرفت أنه أرادها مكالمة وداع. مع أنه لم يقل شيئا مميزا، لكني شعرت من نبرة صوته بأنه الاتصال الأخير. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن عادته الاتصال، وإنما كان يكتفي بإرسال رسائل قصيرة.
لسبريسو:عن ماذا تحدثتما؟
كن نمزح بخصوص استقباله لي في مطار لندن. فقد كان من المفترض أن أزوره بعد عشرة أيام لكي نحتفل معا بنهاية شهر رمضان. وبما أنه كان قد اشترى مؤخرا سيارة مستعملة، فقد استفسرت ممازحة عما إذا كان سيضع عليها أعلاما للترحيب بي بفخامة.
لسبريسو:متى فقدتِ الاتصال به؟
في اليوم الموالي، لم يعد يرد. ثم اتصل بي والده من المغرب وأخبرني بتعذر الاتصال به. لذلك طلبت من أحد أصدقاءه في لندن أن يبحث عنه، لكنه لم يجده.
لسبريسو:عندما تلقيت خبر الهجوم، لم يخطر ابنك على بالك؟
لا، عندما اكتشفت أن المنفذين من أصدقاءه، قلت لنفسي لعلّه متوار عن أنظار السلطة حتى لا تحدث له مشاكل، خصوصا أنه ما يزال مراقبا في إيطاليا.
لسبريسو:هل ذلك متعلق بمحاولة سفره إلى سوريا؟
أجل، كان ذلك خلال السنة الفارطة. كان قد أخبرني أنه سيسافر لمدة 3 أيام إلى روما، فرافقتها إلى وسط بولونيا، وبعد ساعات اتصلوا بي من المطار لإخباري بما وقع. وقتها تعرفت لأول مرة على فرقة المحققين الذين أتوا اليوم لإعلامي بالخبر. إنّ علاقتي بهم علاقة جيدة، وحتى أثناء زيارتهم لي كانوا على مستوى عال من الإنسانية.
لسبريسو:ألم تحاولي فهم رغبته في الانتماء للدولة الإسلامية؟
في السابق، حتى قبل أن يدخل يحاول السفر، كان قد اقترح عليّ مشاهدة مقاطع فيديو عن سوريا. لكنه لم يتكلم قطّ عن مسألة القتال. كانت سوريا بالنسبة إليه المكان الذي يطبق فيه الإسلام الصحيح. وقد كان يقول هذا الكلام تحت تأثير أوهام نقلت إليه عبر الأنترنت. من جهتي، أخبرته باستمرار أن هنالك أشياء فظيعة يخفونها عنه. لكن، للأسف، لم أتمكن من دفعه إلى تغيير رأيه.
لسبريسو: هل تشعرين بالذنب؟
عندما يغلط الأبناء، يحمل الآباء ذلك على عاتقهم، لكني بذلت قصار جهدي. أعتقد أنه كان ممزقا من الداخل. راقبنا باستمرار صداقاته وتأكدنا من عدم ارتباطه بأي أشخاص سيئين. لكن توفر الأنترنت يجعل كل شيء في المتناول. لم يدع يوسف أحدا، لا في إيطاليا ولا في المغرب، حيث كان يدرس المعلوميات في جامعة فاس، القيام باستدراجه.
لسبريسو:لكن ذلك حصل في لندن.
لم أكن أشعر في ذلك الحي (حيث كان يسكن) بأي سكينة. كنت هناك ولم ينل إعجابي. لقد أصبح يرافق أشخاصا سيئين هناك.
لسبريسو: لقد امتنع كثير من الأئمة عن إقامة صلاة الجنازة عليه.
أتفهم موقفهم وأتبنى اختيارهم، فمن الضروري إعطاء إشارات سياسية قوية حتى نقدم رسالة لعائلات الضحايا ولغير المسلمين بشكل عام.
لسبريسو: وما الرسالة التي تودين إبلاغهم إيّاها؟
لا تستشعر ألم الأم إلا أم مثلها. قد لا يكون ذلك كافيا، لكني مستعدة لمنحهم أي شيء يحسسهم بالسلام. أدرك جيدا أن طلب العفو لا معنى له، ولذلك أجهد نفسي وأعد بتكريس حياتي لعدم تكرار ما حصل.
لسبريسو: بأي كيفية؟
بكل الطرق الممكنة: تعليم الإسلام الحقيقي للناس، ومحاولة إقناع العائلات بملء الفراغ الذي قد يفتك بأولادهم. علينا أن نحارب إيديولوجية الدولة الإسلامية بالمعرفة الحقيقية، كذلك سأفعل بكل ما عندي من قوة.
حاورها لجريدة “لسبريسو”: إبراهيم معراض