24 ساعة-عبد الرحيم زياد
منذ دخول اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة حيز التنفيذ في 1 يناير 2006. بعد توقيعها في 15 يونيو 2004، شهدت العلاقات التجارية بين البلدين تطورًا ملحوظًا نحو التحرير التدريجي. لكن هذا المسار واجه تحولًا جديدًا يوم الأربعاء 2 أبريل 2025، حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات المغربية، مما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على الاتفاقية ومستقبل التعاون الاقتصادي.
إطار شامل وتفاوت في التنازلات
تُعدّ الاتفاقية إطارًا شاملاً ينظم التجارة في السلع والخدمات، والمشتريات العمومية، والاستثمار، وحماية الملكية الفكرية، بالإضافة إلى قضايا البيئة ومعايير العمل. ويشرف على تنفيذها لجنة مشتركة تعقد اجتماعات دورية بين الرباط وواشنطن. منذ انطلاقها، منحت الاتفاقية إعفاءات فورية من الرسوم الجمركية لـ98.78% من المنتجات الصناعية المغربية (باستثناء المنسوجات) المصدرة إلى الولايات المتحدة، مع جدولة إلغاء الرسوم على 149 منتجًا آخر على مدى تسع سنوات. في المقابل، حصلت 52% من المنتجات الصناعية الأمريكية على إعفاء فوري في السوق المغربية، مع تحرير تدريجي لباقي المنتجات خلال فترة مماثلة.
أما قطاع المنسوجات، فقد خضع لمعاملة متماثلة، حيث تم إعفاء قوائم محددة من المنتجات فورًا، مع تخصيص حصص معينة وإلغاء الرسوم تدريجيًا على ست سنوات. واستفاد المغرب من استثناء مؤقت لقواعد المنشأ الصارمة حتى ديسمبر 2015، مما سمح بتصدير 30 مليون متر مربع من المنسوجات المصنعة من مواد خام خارج المنطقة.
تحرير حذر للمنتجات الزراعية
نظراً لحساسية القطاع الزراعي، تم التعامل معه بحذر. فمنذ 2006، حصل 56% من المنتجات الزراعية المغربية. مثل منتجات الصيد البحري والزهور وأكثر من 80% من الفواكه والخضروات، على وصول حر إلى السوق الأمريكية، بينما خضع الباقي لتخفيض تدريجي للرسوم على مدى 5 إلى 18 عامًا، مع حصص للسلع الحساسة. على الجانب الأمريكي، تمتع 44% من المنتجات الزراعية بوصول فوري إلى المغرب، مع تحرير بقية المنتجات على مدى 5 إلى 25 عامًا، وفقًا لأهميتها الاستراتيجية، مع حصص محددة للسلع التي يحميها المغرب.
وتشترط الاستفادة من المزايا الجمركية الالتزام بقواعد منشأ صارمة، حيث يتطلب المنتجات الصناعية تحولًا جوهريًا بقيمة مضافة لا تقل عن 35%، بينما تُطبق على المنسوجات قاعدة التحويل الثلاثي (الألياف والخيوط والنسيج من منشأ مغربي أو أمريكي).
الخدمات: توازن بين الانفتاح والحماية
في مجال الخدمات، احتفظ المغرب بحقوق حماية استراتيجية. مثل الاحتفاظ باحتكارات وطنية (كالمكتب الشريف للفوسفاط والمكتب الوطني للكهرباء). وتقييد الوصول إلى قطاعات حساسة (التعدين، الإعلام، النقل)، مع إعطاء الأولوية للمواطنين في مهن محددة (القانون، المحاسبة، الطب). في المقابل، فتحت الولايات المتحدة سوقها للخدمات بشكل واسع. مع استثناءات محدودة في مجالات مثل الطاقة النووية والتلفزيون.
رسوم جديدة: تحدٍ أمام الاتفاقية
رغم التقدم المحرز في التحرير التجاري. فإن قرار الولايات المتحدة فرض رسوم بنسبة 10% على الواردات المغربية يثير مخاوف من تأثيره على التوازن الذي سعت الاتفاقية لتحقيقه. هذا القرار، الذي أعلنه ترامب، قد يعيد فتح النقاش حول فعالية الاتفاقية ومدى التزام الطرفين بمبادئها. خاصة في ظل الجهود المغربية لتعزيز صادراتها إلى السوق الأمريكية. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستتمكن اللجنة المشتركة من معالجة هذا التحدي الجديد واستعادة الثقة في الشراكة الاقتصادية بين البلدين؟