24 ساعة – متابعة
بدأت مظاهر الحياة بالأردن تعود تدريجيا إلى سالف عهدها بعد أن خففت الحكومة من الإجراءات الصارمة التي فرضتها لما يناهز ثلاثة أشهر منعا لتفشي فيروس “كورونا” المستجد الذي أجبر الأردنيين على التأقلم مع نمط حياة جديد دون أن يفقدوا الأمل في تجاوز أزمة الوباء والعودة إلى حياتهم الطبيعية.
هذه العودة التدريجية رافقتها تحذيرات من الحكومة ومن أعلى سلطة في البلاد من عدم الالتزام بالضوابط والتعليمات والإرشادات الصادرة عن السلطات المختصة الرامية إلى الحفاظ على الصحة والسلامة العامة ، وعدم الاستهانة بتبعات “كورونا” والاعتقاد بأنه تم تجاوز هذه الأزمة، وكذا من الآثار السلبية التي قد تنتج عن عودة إغلاق البلد في حال فقدان السيطرة على انتشار الجائحة مما سيعيد البلاد إلى الوراء.
رفع القيود التي فرضها تفشي وباء كورونا لم يأت من فراغ فقد ساهم التكامل والتناغم بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية على أكثر من صعيد منذ ظهور أول حالة إصابة بالفيروس في مارس الماضي ووعي المواطنين والتزامهم بالتدابير والتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة ، في انحسار الوباء لتتراجع حالات الإصابة على نحو ملموس جعل البلاد تدخل إلى مستوى ” معتدل الخطورة ” بشأن انتشار الفيروس.
صوت صفارات الإنذار المفزع والذي ظل يدوي في الآذان مع غروب شمس كل يوم منذ سريان الحظر الشامل وكذا الجزئي فيما بعد ، خفت بعد أن مدد الوقت المسموح به لحركة المواطنين إلى حدود الساعة الثانية عشر ليلا ورفع منع التنقل بين المحافظات وألغي حظر التجول الشامل الذي كان يفرض كل جمعة ، لتدب الحركة من جديد في شوارع المدن وعلى مدار اليوم وتكتظ بالسيارات والراجلين بعدما كانت مهجورة خلال الأيام الماضية.
مظاهر الحياة العادية بدأت تتجلى من جديد، فالمقاهي فتحت أبوابها لمرتاديها بعد اغلاق قسري أملته ظروف التباعد الاجتماعي مع أمل يحذو أصحابها بتجاوز تداعيات كورونا التي أرخت بظلالها على العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية ، وحتى المطاعم شرعت في استقبال زبائنها بعد أن كان الأمر مقتصرا خلال فترة الحجر الصحي على خدمة التوصيل للمنازل.
واستأنفت معظم القطاعات الاقتصادية والانتاجية نشاطها وعادت الحركة الاقتصادية والتجارية إلى طبيعتها بشكل تدريجي مع التقيد ومراعاة إجراءات السلامة العامة والوقاية والتباعد الاجتماعي ، كما عاد المصلون من المسلمين والمسيحيين لممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية بكل حرية بعد أن حرمهم وباء “كورونا” من أداء الصلوات في المساجد وفي الكنائس ملتزمين بالإجراءات والضوابط للمحافظة على الصحة والسلامة العامة ، وذلك بعدما قررت الحكومة بحر الأسبوع المنصرم فتح المزيد من القطاعات الاقتصادية وتخفيف القيود على حركة الأشخاص.
وسلك الأردن الذي اتبع استراتيجية ناجعة لمكافحة كورونا، نهج التدرج في التخفيف من الإجراءات التي فرضها لمنع تفشي الفيروس وفق الوضع الوبائي ووصول البلاد إلى حالة شبه ثابتة من حيث عدد الإصابات اليومية.
فمع تراجع معدل الإصابات اليومية حيث وصل إلى صفر حالة في بعض الأحيان ولأيام متتالية ، شرعت الحكومة الأردنية في التخفيف التدريجي من قيود الحظر والإغلاق المفروضة منذ بدء تفشي الجائحة بالبلاد ، وسمحت باستئناف مجموعة من القطاعات لأنشطتها ، وعادت الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة للعمل وتقديم خدماتها للمواطنين بعد أكثر من شهرين من التوقف ، كما استأنف موظفو القطاع العام عملهم منذ الـ26 من شهر ماي المنصرم.
وأعيد ، أيضا ، في إطار التخفيف التدريجي لإجراءات منع انتشار الوباء، فتح الحضانات ، مع الالتزام بالضوابط والقيود الصحية والوقائية ، وفتح الأندية والفعاليات الرياضية مع عدم حضور الجمهور ، والسماح بحركة السيارات ووسائل النقل العمومي بالتنقل بين المحافظات بسعة مقعدية تصل إلى 50 في المائة ، وكذا السماح بزيارة السجون ودور الرعاية مع استمرار منع حركة كبار السن فوق 70 عاما ، ومن يعانون من أمراض مزمنة.
وتقرر كذلك، عودة حركة الطيران الداخلي إلى طبيعتها وفتح المواقع السياحية لغايات السياحة المحلية وفتح قطاع الفندقة والضيافة الذي يشمل الفنادق والنزل السياحية.
وبالمقابل ، أبقت الحكومة على قرار إيقاف مجموعة محددة من القطاعات والأنشطة والتي تشمل المدارس ورياض الأطفال والجامعات والكليات والمعاهد ومراكز التدريب والمراكز الثقافية وصالات الأفراح وبيوت العزاء والأنشطة الشبابية (مثل المخيمات الكشفية ، وأي نشاط مخصص للشباب تتطلب طبيعته التجمع والتفاعل عن قرب) وقاعات السينما ومنشآت تنظيم الحفلات والمؤتمرات والمعارض والفعاليات الثقافية والمهرجانات والحدائق العامة ومدن الألعاب والأماكن الترفيهية.
وفي ظل إجراءات التوسع بفتح القطاعات والتوجه للسماح لمعظمها بالعمل والتي تبقى خاضعة للتقييم والمراجعة المستمرة ومرتبطة بالحالة الوبائية ومؤشرات الخطورة الصحية ، تكثف الجهات المختصة من جولات المراقبة للتأكد من مدى التزام المنشآت التجارية بمتطلبات السلامة الصحية.
وعلى الرغم من دخول البلاد مستوى ” معتدل الخطورة ” فإن المخاوف لا زالت قائمة من تسجيل إصابات يصعب السيطرة عليها في حال إهمال التعليمات الصادرة عن وزارة الصحة والجهات المختصة .
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام ، أمجد عودة العضايلة ، في تصريح صحفي، إن تسجيل حالات إصابة محلية بفيروس كورونا المستجد خلال اليومين الماضيين، يؤكد المخاوف بأن الوباء ما زال موجودا ، ويجب على الجميع الالتزام بمتطلبات السلامة والوقاية.
وحذر من أن ” ارتفاع عدد الحالات المحلية خلال الفترة المقبلة قد يعيدنا إلى الوراء ، وتحديدا لمستوى “متوسّط الخطورة” (الأصفر) ، الذي يستوجب فرض حظر تجول شامل خلال عطلة نهاية الأسبوع ، وتقليل عدد ساعات خروج المواطنين وفتح المنشآت ، وذلك في حال تسجيل أكثر من 10 إصابات محلية لسبعة أيام متتالية “.
وبلغ عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد بالأردن 863 إصابة، تماثلت منها 663 للشفاء فيما استقر عدد الوفيات جراء الفيروس في 9 حالات.