24 ساعة- متابعة
أجمع مراقبون ومتتبعون للشأن الداخلي للمملكة، على أن السلطات الأمنية، نجحت إلى حد كبير في تدبير الاحتجاجات السلمية التي شهدتها بعض مدن المملكة، وذلك للتعبير عن رفضهم للقرار الحكومي القاضي بفرض ”جواز التلقيح”.
وكانت بعض الجهات المتطرفة، تراهن على هذه الاشكال الاحتجاجية من أجل الوصول إلى مبتغاها؛ وذلك ما يظهر من خلال بعض الشعارات واليافطات التي رفعت ورددت في المسيرات الاحتجاجية التي شهدتها عدد من المدن المغربية الأحد الماضي.
ويبدو من خلال تلك الشعارات، بما لا يدع مجالا للشك، أن المطالب السياسية والخلفيات الايدولوجية كانت حاضرة بقوة أكثر من الشعارات الرافضة لإجبارية اللقاح ضد الوباء القاتل.
ويلاحظ من خلال تتبع حركية الاحتجاج التي رافقت ”جواز التلقيح”، لم تكن فقط لدواعي رفض إجبارية الجواز، بل هناك من يسعى لأكثر من ذلك والركوب عليه وتوظيفه لأغراض سياسية، تظهر من خلال بعض التدوينات والدعوات المنشورة طيلة الأيام المنصرمة، والتي كانت تدعو لتنظيم وقفات احتجاجية في مختلف المدن المغربية بدعوى “الانتفاضة” ضد التلقيح وجوازه. فأول شيء يعثر عليه القارئ في المنصات التواصلية هو “حملات التجييش ضد الحكومة والسلطات العمومية”، التي من المفروض أنها نجحت في معادلة التلقيح بحسب منظمة الصحة العالمية وبحسب شهادات الدول المتقدمة. الشيء الثاني الذي يعاينه المتتبع هو ” تلكم المسحة الدينية لدعوات التحريض على السلطات العامة”، فالعديد من الحسابات والصفحات الفايسبوكية كانت تتوسم في مسيرات الأحد أن تكون بمثابة “غزوة للقضاء على الحكم الجبري تمهيدا للحكم على منهاج النبوة”.
وفي هذا الصدد ذكر مصدر أمني مطلع أن “اليقظة المعلوماتية على شبكة الأنترنت رصدت، خلال الأيام الفارطة، تواتر العديد من الدعوات التحريضية التي تؤلب المشاركين على قوات حفظ النظام، وتشرح لهم طريقة التظاهر بالإغماء، وكيفية استفزاز رجال الأمن وتوثيق ردات فعلهم. بل إن بعض المنتديات على تطبيق واتساب كانت تطالب المحتجين باصطحاب أبنائهم القاصرين ووالديهم الشيوخ لاستعمالهم كدروع بشرية لمنع أي تدخل أمني”.
وفي سياق متصل، يضيف ذات المصدر، بأن مصالح الأمن رصدت العديد من التغريدات المنشورة من حسابات محدثة مؤخرا، والصادرة من خارج المغرب، والتي حاولت الترويج لسيناريو شبيه بالسيناريو السوري الموسوم بالفوضى والاضطراب المجتمعي، في محاولة للانسياق ببعض المحتجين إلى ارتكاب أعمال شغب على هامش هذه الحركات الاحتجاجية.
وشدد ذات المصدر، على أن المصالح الأمنية أدركت خلفيات ومرامي هذا النوع من التدوين التحريضي، وقامت بتحسيس منتسبيها بضرورة التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات، كما عقدت عدة اجتماعات تنسيقية لتقييم المخاطر والتهديدات المرتبطة بالمحافظة على النظام العام. وقد نجحت في تدبير أكثر من 16 شكلا احتجاجيا عرفته المدن المغربية زوال اليوم الأحد، بدون تسجيل أية مواجهات عنيفة أو ركون للاستخدام المشروع للقوة، باستثناء بعض المناوشات الطفيفة المسجلة رغم حجم الاستفزازات التي تعرض لها نساء ورجال القوة العمومية، والتي وصلت حد الإهانة والرشق بقنينات الماء وحيازة أحد المتجمهرين للسلاح الأبيض بمدينة الدار البيضاء.
وبموازاة مع كل ذلك، طرح العديد من نشطاء المنصات والشبكات التواصلية سؤالا عريضا ومفصليا مؤداه: لماذا لم تسلك نبيلة منيب ومحمد زيان وعبد الرزاق بوغنبور وعبد الحميد أمين وغيرهم مسطرة التصريح القانوني لإضفاء الطابع الشرعي على هذه الأشكال الاحتجاجية؟ ولماذا لا يمارسون هذه الحرية في إطار القانون لقطع الطريق على من يراهن على الفوضى وتنزيل السيناريو السوري بالمغرب؟ لكن للأسف الشديد، كل التعليقات التي حملت الأجوبة الفايسبوكية على هذه الأسئلة، أجمعت على أن الكثير من المشاركين في هذه الاحتجاجات لا يرغبون في تحمل المسؤولية الناجمة عن التصريح، إن هي اندلعت أعمال الشغب غير متوقعة، ولذلك فهم يراهنون على المشاركة أو الركوب على هذه الاحتجاجات غير المصرح بها لتحقيق أهداف ومقاصد سياسية لا تكون بالضرورة هي تلك المعلن عنها في الشعارات المرفوعة.