الضبيالي بيروك
الوطنية إيمان وخلق وسلوك وإحساس لا يقبل المساومة، يجعلها المواطن واقعا ملموسا يتجسد في حبه للدين وولائه لوطنه وطاعته لولي امره ومشاركته الفاعلة في تنمية بلاده وتطويرها والحفاظ على قيمتها الانسانية المرتبطة بالعلاقة الروحية بين المواطن ووطنه .فالمواطنة الحقة تأتي من تحسس معنى الوطنية، والتي تتجلى في حب الوطن والعمل على اعلائه والمحافظة عليه إن السلوك الحسن في علاقة الفرد بالوطن يدل دلالة واضحة على المواطنة الحقة في المحافظة لا التخريب البناء لا الهدم والاحترام والاستعداد للدفاع عنه والسعي لرسم لوحة جميلة للوطن بدينه ولغته وحضارته وتراثه واصالته وتقدمه وتطوره.
استمرارية المجتمع ونهضته مرتبطة بمدى نجاح البناء الاجتماعي الذي يعتني بالفرد ويرفع من مستواه وكفايته مادام هو اللبنة الاساسية في بناء المجتمع وكلما كانت اللبنة قوية كان البناء قويا في مضمونه وشكله وحاضره ومستقبله ولا يمكننا الحديث عن الوطنية ان لم يتحقق الولاء للوطن ولدستوره ولقوانين البلاد مع ممارسة الحوار الديموقراطي الواعي وتأصيل العمل الجاد في تحسيس الفرد بمسؤوليته في بناء المجتمع، لذا وجب تعزيز الوطنية في الاسرة الصغيرة لانها المؤسسة الاولى التي تغرس روح الوطنية وحب الوطن في نفوس الاطفال وانطلاقا من علاقة الابوين بوطنهما واعتزازهما بوجودهم فيه وحجم التضحية التي يستحقها هذا الوطن .وكذا المنزلة الروحية التي تعطيها الأسرة للوطن وقيمته من خلالها .سننمي شعور الطفل بحجم مسؤولياته تجاه وطنه بترسيخ القيم الانسانية والاخلاقية في علاقته بالافراد داخل إطار وطن يعتز به ويكون مستعدا لحمايته .
اما عن دور المدرسة في تنمية مشاعر المواطنة في المناهج الدراسية وطريقة التعليم هي ركائز أساسية قادرة على تعبئة المتعلمين على حب الارض والوطن الذي يعيشون فيه وينتمون اليه.
ليكون لهم دور في بنائه ويكون دور المدرسة هو تفعيل معنى الوطنية من خلال تزويدهم بمهارات قيادية .تبرز من خلالها احتياجاتهم والتعبير السليم عن تطلعاتهم وكذا اتخاذ سلوكيات روتينية داخل المدرسة لتعزيز قيمة الوطن في قلوب الأطفال الناشئة.
ان للاعلام دور هام من خلال البرامج الحوارية والوثائقية والمسلسلات الهادفة في تعزيز مكانة الوطن وقيمته والعمل من خلال هذه البرامج التي يجب بلورتها على النحو الذي يخدم الوطنية وحب الوطن.
وللأحزاب السياسية دور كبير في غرس مفهوم المواطنة ودورها الأساسي في انجاح العمل السياسي المرتبط بتطور الديموقراطي وان يتم تجسيد الوطنية افعالاوليس اقوالا فقط تلك الافعال العملية المحسوسة على أرض الواقع البعيدة عن النفاق والتزلق الذي يحجب الحقيقة ويقتل الاستراتيجية الوطنية الصحيحة .
وان تكون للشخصيات السياسية والقيادية والذين كثيرا ما نراهم يتبارزون في قوة العبارات الوطنية الرنانة ان تبرز وطنيتهم من خلال التضحية للذات الوطنية.
قبل البحث عن مصالح الذات الشخصية .والسعي قدما على تكريس مفهوم الوطنية داخل المجال السياسي .وجعل الطموح السياسي او الحزبي مسلحا بمصلحة الوطن قبل مصلحة الافراد .هو العمل على تنمية الطاقات الشابة للولوج الى المجال السياسي بأهداف تصب مجملها في مصلحة الوطن وقبل ذلك ترسيخ العلاقة القوية بين الفرد والوطن لخلق جيل ببصمات وطنية فاعلة لا شعارات زائفة وان تتحمل الأحزاب السياسية مسؤولياتها تجاه حقوق وواجبات الوطنية وتعطي استراتيجية لمستقبل حياتنا وحياة احفادنا في ظل مصارحة وشفافية في مكاشفة للأخطاء الواقعة ومراجعة للخطط والبرامج المعتمدة والمنفذة ومحاسبة لكل مقصر ومتهاون في تحقيق رؤية الوطن المثالية.
قد يؤثر حجم معاناة الفئة الشابة من تغيير نمط تفكيرها حول التشبث بالوطن ودعمه والتضحية من أجله نتيجة مشاكل كثيرة تعاني منها هذه الفئة والتي تعد الاهم لاستمرار وطن كامل.ومن هنا سنطرح سؤالا وجيها هل لدينا شبابا مستعدا للتضحية من أجل الوطن ؟ في ظل شباب يسعى الى الغربة كملاذ من جحيم معاناة داخل الوطن واخر يعاني في صمت من الفقروالعوز ومحدودية فرص العمل بجميع المستويات الدراسية والاجتماعية في ظل الزبونية والمحسوبية .لتعاني قلوب شابة بين جحيم المخدرات وامتهان الحرام او العمل الغير مقنن في أسواق شغل ظلامية تفقد الراغب في العيش من ضمان مستقبله في ظل عمل لائق وفق مجريات قانونية يضمن بها حقوقه.ان حجم المعاناة في صفوف الشباب يلاحظ من خلال تكريس خطط ممنهجة لعدم إشراك الفئة في بناء الوطن بمختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنظرة السوداوية التي اصبحت تطبع العلاقة بين الشاب ووطنه وهو أمر خطير فحين يتجرد الشاب من انتمائه الروحي لوطن عاش فيه ويصبح متفرجا فقط يتحين فرصة الهجرة الى وطن آخر هو حجم خذلان من مؤسسات جعلت الشاب يرى نفسه خارج أسوار وطنه للأسف.
إن الشباب عمود المجتمع يقوى ويبقى ومن دونهم يضعف ويضمحل تقوم الامم والاوطان بسواعد ونشاط وعلم الشباب فيها كما ان قهرهم وتغييبهم والعمل على مسببات فشلهم وهجرتهم .هو التخلف والتراجع عن ركب الحضارة والتقدم .
الوطنية تكون قوية عندما يوفر الوطن عيشا كريما لشبابه والاهتمام الجاد.بمجال تعليمه وتكوينه وتمتيعه بخيرات وطنه .
شباب يشعر انه غريب في وطنه يعاني قساوة العيش .يتخبط في مشاكل لا تعنيه بل تعني مؤسسات كان يجب ان تعنى بظروف الشباب وتحسينها كيف سيضحي شاب من أجل وطن هو غائب فيه يعيش في مقابر ومساكن لا تتوفر على ادنى الشروط الانسانية بينما أموال تتكدس في ابناك عالمية .كيف يضحي شاب من اجل وطن فقد لغة الحوار فيه فقد الرغبة في الانتماء لأرض أصبحت جحيما تحت قدميه.
رسالتي لمن يرى الوطنية في أهداف شخصية يزينها بشعارات مزيفة لا تلمس مشاعر حب الوطن داخله.ذلك الوطن الذي تسعى اليه تنزله منزلة الابن والأخ ذلك الوطن الذي تقف شامخا لتحية علمه .وتردد نشيده الوطني بعزة وافتخار ذلك الوطن الذي تكون مرآة له في الغربه معتزا بماضيه ساعيا من اجل حاضره الأفضل .الوطنية ليست شعارا نرفعه دون تطبيق ولا قماشا نحييه دون حب ومن دون وفاء بل مشاعر صادقة تستلزم ممارسات في غاية النبل.