24 ساعة-متابعة
قدم الدكتور محمد البخاري، في تحليل مستنير لجوهر عيد الفطر وأبعاده الروحية والاجتماعية، رؤية عميقة تستجلي معاني هذه المناسبة الدينية العظيمة.
وأكد البخاري الأستاذ الجامعي وعضو المجلس العلمي بالرباط، على أن عيد الفطر يمثل إحدى النفحات الإيمانية التي يتقرب بها المسلم إلى خالقه، مؤكدا على أنه من صميم شعائر الله التي حث على تعظيمها، وأن الاحتفاء به يعد ضربا من ضروب الطاعة والقربة الخالصة.
وأوضح البخاري في تصريحه لـ”24 ساعة”، أن تعظيم هذه الشعائر يتجلى في إظهار مظاهر الفرح والابتهاج، وهو فرح لا يقتصر على الجوانب الحسية الظاهرة، بل يتعداه ليصبح فرحا روحيا عميقا ينبع من أعماق القلب المؤمن.
واستشهد الدكتور البخاري بالآية الكريمة التي تؤكد على مشروعية هذا الفرح، قائلا: “(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)”، مفسرا هذه الآية، بأن فضل الله يتمثل في نعمة الإسلام ورحمته تتجلى في القرآن الكريم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما أتى به من شريعة سمحة قوامها التخفيف والرحمة والسعادة.
كما أشار إلى الترابط الوثيق بين الأعياد في الإسلام وبين أداء الطاعات والقربات، موضحا أن عيد الفطر يأتي عقب أيام مباركة من الاجتهاد في العبادات خلال شهر رمضان المبارك، وبعد إتمام فريضة الصيام، الركن الرابع من أركان الإسلام، مستدلا بقوله تعالى: “(وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)”.
كما لفت الدكتور البخاري إلى أن عيد الأضحى المبارك يرتبط بالركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج، ويحل في ختام الأيام العشر الفاضلة من ذي الحجة، وتتبعه أيام التشريق المباركة التي تتجلى فيها مظاهر الذكر والتكبير والدعاء، مستشهدا بالقول الحق: “(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)”.
وخلص إلى أن الأعياد في جوهرها أيام فرح وسرور وشكر لله عز وجل على أعظم النعم التي أنعم بها على الإنسان، وهي نعمة الهداية إلى الإسلام ونعمة التوفيق لأداء العبادات.
وفي سياق متصل، استعرض الدكتور البخاري جوانب من التقاليد المغربية الأصيلة في الاحتفاء بعيد الفطر، مؤكدا على أنها تستمد جذورها من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وشريعته السمحة.
وأوضح أن العيد يمثل مناسبة اجتماعية وثقافية بامتياز، حيث تتجسد فيه قيم التزاور وصلة الأرحام، ويحتفى به في أجواء جماعية تلتقي فيها الأسر والعوائل والجيران والأصدقاء، وتتلاشى فيه الهموم والأحزان.
كما بين أنه فرصة للتطهر الروحي والتخلص من رواسب الخلافات والحزازات، ومناسبة للتحلي بالتواضع ونبذ الكبرياء والغرور، وتعزيز قيم التسامح والتسامي والتعاطف والتكافل، وكلها من المقاصد النبيلة التي يسعى العيد إلى تحقيقها.
وأشار أيضا إلى البعد التكافلي للعيد، حيث يمثل مناسبة للتوسعة على الأهل والإحسان إلى الفئات الضعيفة والمحتاجة، وهو المقصد الأسمى لفريضة زكاة الفطر التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.